كتبت وكالة الانباء الفلسطينية ( وفا) الرسمية في نشلاتها صباح اليوم ، تحليلا اخباريا جاء فيه: نشرت مؤسسة الشرق الأدنى استطلاعا للرأي يوم أمس، حول رأي المواطن الفلسطيني بما نشرته قناة الجزيرة 'كشف المستور' بشأن وثائق المفاوضات، وأشارت النتائج بأن 68 %من المستطلعة أرائهم لا يصدقون الاتهامات التي روجتها قناة الجزيرة ضد السلطة الوطنية الفلسطينية وقيادتها.
وقال 88% بأن اتهامات الجزيرة للقيادة الفلسطينية تصب في خدمة إسرائيل، وأن 64 % يعتبرون قناة الجزيرة غير حيادية في طرحها للوثائق، هذه النتائج تتوافق
ا مع حجم التأييد الشعبي للقيادة الفلسطينية وللرئيس محمود عباس، حيث خرجت جموع الفلسطينيين لتعلن عن غضبها واستنكارها لما قامت به الجزيرة من نشر وثائق المفاوضات بطريقة استفزت معظم الفلسطينيين، كما أدان العشرات من الكتاب الفلسطينيين في مقالاتهم ولقاءاتهم الصحفية ما نشرته القناة والطريقة الاستعراضية المبهرة التي قدمت فيها الوثائق، والإمكانيات غير العادية التي وفرتها قناة الجزيرة في عرض هذه الوثائق، في هذا الوقت بالتحديد، التي تخوض فيه القيادة الفلسطينية معركة البناء الداخلي وتوفير مستلزمات قيام الدولة الفلسطينية من جهة، ومن جهة النشاط الدولي الكبير الذي تخوضه الدبلوماسية الفلسطينية لحشد التأييد الدولي للدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس الشرقية، والتوجه لمجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة.
والسؤال هنا يطرح بقوة، لماذا لم تنجح خطة الجزيرة في إسقاط وعزل القيادة الفلسطينية الهدف الذي سعت إليه بنشرها 'كشف المستور' ؟، مع العلم بأنها قامت بعمل محكم استغرق التخطيط له ستة أشهر، ووظفت له كتاب وشخصيات معروفة الولاء وعدائها للوطنية الفلسطينية، للجواب على هذا السؤال علينا أن نشير إلى التالي:
إن الوطنية الفلسطينية وممثلها منظمة التحرير الفلسطينية والفصائل المنضوية تحت لوائها،تستمد قوتها وشرعيتها ونفوذها، كونها صاحبة مشروع الدولة الوطنية 'القطرية' التي لم تتحقق بعد والتي تحظى بدعم هائل وكاسح لدى الشعب الفلسطيني، في حين أن الطرف الآخر الذي يقدم نفسه بديلا لهذه الوطنية 'حركة حماس' ومن يقف خلفها، حركة الإخوان المسلمين لديهم مشروع مختلف
ا و برنامج سياسي 'إسلاموي' فضفاض، ليس لديهم مانعا أن يكونوا جزءا من دولة إسلامية، محورية تحمل مشروع معين يكون عندها المسلم الهندي أو الماليزي أو الإيراني وبالطبع العربي، له في فلسطين مثل المواطن الفلسطيني وأكثر من المواطن المسيحي، بل ليس لديهم مانعا كما ذهب محمود الزهار القيادي في حركة حماس بأن يكونوا منطلقا لمشروع إسلامي عالمي و همي ، مستندين إلى حكمهم في قطاع غزة، حيث قدموا نموذجا سلبيا بامتياز في الحكم والمقاومة 'تجربتهم الفاشلة في التصدي للعدوان الإسرائيلي عل قطاع غزة' وأصبحوا رهائن المحافظة على أرواحهم وحكمهم وامتيازاتهم من خلال تثبيت تهدئة من طرف واحد.
وفي لقاء لخالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس مع صحيفة العرب اليوم الأردنية يوم 12-1- 2011، وبدون سابق إنذار ومخالف لتصريحات عديدة لقادة حماس، سبقت تصريحه بأيام، قال 'بأن المصالحة الفلسطينية أصبحت بعيدة أكثر من أي وقت مضى وأفقها بعيدة جدا، وإن قيادة حماس متشائمة حيال فرص نجاحها في هذه الظروف '، هذا التصريح المفاجئ في حينه يدلل بما لا يدع مجالا للشك، كما أن رئيسة كاديما ليفني تعلم بمخطط قناة الجزيرة عندما زارت قطر وقناة الجزيرة ولقائها مع وضاح خنفر مدير عام الجزيرة قبل برنامج 'كشف المستور' بأيام، أن أيضا قيادة حركة حماس تعلم ومشاركة بالمؤامرة بل جزءا منها، ومن هنا نستطيع فهم تصريح أمين عام الجبهة الديمقراطية نايف حواتمه عندما قال: 'إن المال السياسي القطري يغذي الانقسام'.
'حماس' وقناة الجزيرة القطرية ومن يقف خلفها حركة الإخوان المسلمين كانوا يراهنون على إسقاط القيادة الفلسطينية من خلال استخدام الوثائق وتحريفها وتقديمها بشكل مجتزأ، وخاصة الرئيس أبو مازن بما يمثله من قيمة رمزية للشعب الفلسطيني كرئيس لمنظمة التحرير الفلسطينية وللسلطة الوطنية الفلسطينية وحركة 'فتح' صاحبة المشروع الوطني وكبرى فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، ولكن حساباتهم جاءت خائبة وفشل المخطط، ليس فقط لانكشاف زيفهم وكذبهم فقط ، بل بسبب جهلهم بما تمثله الوطنية الفلسطينية، لدى الشعب الفلسطيني من قيم ومبادئ وتراث هائل ونضال متواصل.
إن المسيرات التي خرجت لأنصار 'حماس' في قطاع غزة، و حملت صور أمير قطر، شكلت مفارقة عجيبة لدى الفلسطينيين، لعلمهم بدور قطر المرسوم لها في معادلة الشرق الأوسط وعلاقاتها الطيبة مع إسرائيل والإدارة الأميركية، وتبنيها لحركة الإخوان المسلمين من خلال توفير الدعم المالي والتبني الإعلامي المكشوف لقناة الجزيرة.
باختصار شديد، حركة حماس تقدم نفسها بديلا عن منظمة التحرير الفلسطينية وليس شريكا لها في النضال الوطني التحرري، وهي التحدي الأبرز الذي يواجه المنظمة على جبهة تمثيلها لشعبها.
قد يقبل الفلسطينيون انتقاد حلفائهم لهم لموقف محدد، أو انتقاد الفصائل الفلسطينية بعضها لبعض، أو لبعض مواقف القيادة الفلسطينية، ولكن هذا الانتقاد يأتي في إطار الاختلاف والوحدة وليس في إطار التبعية لبعض النظم العربية وإيران وحركة الإخوان المسلمين