كنت
أتصفح كتاب التاريخ ، تلك المادة التي أحبها كثيراً ، و لكني أشعر ببعض
الألم كلما هممت بدراستها ، فالكتاب من صفحته الأولى حتى صفحته الاخيرة لا
يتكلم إلّا عن استعمارات الدول الاجنبية للعالم العربي ، و آخر ما استوقفني
في هذا الكتاب هو عبارة " رجل أوروبا المريض " ، تلك العبارة كانت لقب
الدولة العثمانية ما بين (1800-1900 ) م ، بسبب ضعفها و تفككها ذلك الوقت
.
فأخذت أفكر قليلا في هذا اللقب " المهين
نوعاً ما "، و ابتسمت عندما قرأت أن هذا اللقب ودّع العالم العربي بعد
استقرار كل دولة عربيةٍ فيه على حده و بعد الثورة العربية بشكل أخص ، إلا
أنني وجدت في عقلي أن اللقب ما زال في مكانه ، فالعالم العربي الآن عبارة
عن " رجل العالم الأول المريض " ، نعم العالم الأول و ليس أوروبا ، لإن
الاستعمار الذي يلمّ بنا الآن لم يعد يقتصر على الدول الأوروبية فقط ، بل
امتدّ حتى ضربت جذوره أميركا و إسرائيل و غيرها من دول العالم الأول .
و لكن لماذا ؟ لماذا ما زال هذا اللقب يلازمنا حتى الآن بالرغم من خروج الاستعمار من معظم أراضينا ؟
سألت نفسي هذا السؤال فأجاب عقلي بسرعة ، بأن العرب ما زالوا في حالة
التخلف الحضاري و الاجتماعي و من جميع النواحي بلا أدنى شك ، نحن أمة بلا
اختراعات ، بلا أعلام مشهورة في العالم ، دول بلا حكومات عادلة ! شعرت
باليأس لهذه الإجابة و لكني لم أجدها حجة كافية لتجعل الأمة العربية ترقد
قرنين آخرين على هذا الحال!! .
ألا يكفيها ما تلقت من الذُل ؟؟! ألا
يكفيها ما تلقت من الاحتلال و الاستعمار و التخريب ؟ ألا يكفيها أنها تصنّف
ضمن دول العالم الثالث ؟
الغريب في الأمر أن العرب لا يزالون
يتأملون العودة و تصدّر دول العالم من جديد ! فما أكثر الأجيال التي رددت
عبارة " سنعود يوماً ما " .. ولكن كيف ؟؟ فمنذ متى تتحقق الأحلام بلا عمل ،
و بلا خطط و أهداف ... قد تقول عزيزي القارئ بأني لم أضف شيئاً جديدا حتى
الآن ، و هذا الكلام قرأته و سمعته عشرات المرات في مختلف الأماكن
والوسائل ، بل إني وضعت الملح على الجرح ، فأقول لك : نعم لم أضف شيئاً
جديداً بل التالي هو ما آمل بأن يغيّر شخصاً واحداً على الأقل ...
أقول لكل أبناء الوطن : أنتم لديكم طاقات
هائلة ، إبداعات .. لا تقولوا مجتمعاتنا لا تعطينا الفرصة ! اخلق الفرصة
بنفسك ، استثمر مواهبك ، لا تدع جملة العرب المعهودة " سنعود يوماً ما "
تقعدك عن العمل ، فالأخذ بالأسباب هو السبيل إلى النصر.. لا تقُل ما
الفائدة مني وحدي إذا لم يفعل باقي الشباب شيئاً ؟ لن أجيبك بتلك الجملة
المعهودة " وهي حقيقية على كل الأحوال " أنه إذا قال كل واحد منا ذلك لن
يتغير شيء ! بل أقول لك : كُن أنت الوحيد ، نعم و لم لا ؟
فالتميز شيء رائع، و المهاتما غاندي قد
يكون مقال قوي على ذلك ، فقد غيَر فكر آلاف الأشخاص من حوله بالرغم من
الظروف التي كانت تمرُّ بها بلده و بالرغم من الاستعمار و النبذ الذي تعرض
له أبناء وطنه ! أصلح ولو شخص واحد تعرفه ، هيا قمُ ردّد لائحة أهدافك و لا
تؤخّر رجلاً وتقدم أخرى في تحقيقها .
أحلم و اسعَ إلى أحلامك ، فسقف الأحلام
لا حدود له .. أنت شخص متميز و بإمكانك فعل ذلك ، و أكبر دليل على إرادتك و
تطلعك إلى التغيير هو قراءتك لهذا المقال و دخولك إلى هذا الموقع الثقافي
الرائع ! .
هيا يا شباب لا تنتظروا دقيقة واحدة ، فالكلام لن يأتي بنتيجة إذا لم يقابله أيُّ عمل .