قصة قصيرة "حب في حضن السماء"

[size=12]حب في حضن السماء
أوقفته قدماه أمامها، أراد أن يغيب، أن يذوب قبل أن تقع عياناها عليه. فقد كان يخشى أن يجرح جرحاً غائراً في جوانحه اليتيمة.
لقد عشقها حتى الثمالة، فأسكنها سويداء قلبه، وحفر صورة لها في عقله الذي أنهكه وهو يبحث عنها في دفاتر أيامه، فأدمنت عيناه صورتها وهي تطل عليه بسحر يخلب العقول، فكان يراها في الأسواق .. في الطرقات .. في المدارس .. في الجامعات .. في الدموع .. في الابتسامات.. في عثراته .. في أقحوانة يتيمة في جمالها.. كان يراها في الحدائق والأغصان تتشح بجمالها، والبساتين تملأ صدرها من عبقها الذي يدبّ في الروح فيخلّف فيها نشوة تجعلها تحلّق فوق الغمام فيلتقي بها بين النجوم، فيعشقها من جديد.
نعم أحبها، فكانت روحه التي سكنت بين ضلوعه، منحته كل شيء ، احترقت كي تكون نوراً له في ظلمة خياله القاتل، كانت تحدث نفسها: ليتني أملك قلباً فوق قلبي لأملأه من أنفاسه، من قسماته، من سهام عينيه، من كبريائه، من جبروت خلجاته الرقيقة..لا بل أريد أن أذوب في روحه التائهة، إنه هو من سيلفك برداء رجولته عندما تمتد إليك يد الأيام لتعبث بك، وهو من سيطير بك على جناح قلبه الذي أتعبك بسكونه وصمته. فقد كان يفتش عليك بين العيون الحائرة .. بين الحروف والكلمات الضائعة .. في طرقات المعاني الراحلة ..على أبواب الدنيا الحزينة..
مازالت الصورة تطاردها عندما كان طفلها المدلل، وفارسها الذي انتظرته في هجيع ليلها، فجاءها يمتطي صهوة أحلامها البريئة، فيضمها بين ذراعيه فتسكن روحها ، وينام قلبها على همس ينبعث من روح آوت إليه فشعرت بدفئه، وبرده، فاختنقت لتدفن فيه إلى الأبد.
لكن الأيام قتلته بسهم مسموم عندما قالت له: أفق . هل تظنّ أنّ السماء ستقلع عن إنزال غيثها على من تحب؟!! أم حسبت أنك وحدك الذي تنام في أحضانها ؟!
لعلي كنت أركض وراء سراب أيامي وخيالات أوهام سكنت عقلي الصغير، كي لا أرى غير طيفها الذي يسري في أوصالي. ليت شعرى! حتى ذالك السراب لم أعد أراه في صحراء أيامي، بل الخيال تمرّد على عقلي فأصبح يستجدي ملمحاً واحداً من ملامح أيامها، ويحاول أن يتسلل إلى الذاكرة ليسرق منها صورة من أحبّ .. من خدع .. من رحل بقلبه الكبير عن أنفاسها لعله يلتقي بها في أحضان السماء التي لا تضم في قلبها سوى من عُذّب، وقُتل بحبّ انطوى في صفحة من صفحات سفرالمعذبين.
أصبح قريباً منها والتقت عيناه بعينين قد تجمّدت، عينين لم يألفهما. قال لها بصوت متهدّج: آسف، كنت أبحث عن نفسي، والآن عرفت أنّها فارقتني، عذراً لك. سألحق بها.
فقالت: وهل ستقدر على أن تعيد الماء في نبعه، والغيث في الغمام ، والزهر في الأغصان، والأرواح في الأبدان؟!!!!
ردّ محدثاً نفسه: ولكنها سبقت الغيث فغرست قلباً بين نجوم السماء، فهل غابت لتترك غرسها يذوي وكل ما حوله يتلألأ؟!! أو ربما غابت قبل المجيء!!![/size]

مشكووووووور بنت الأقصى

على القصه الرائعه
بتمنالك التوفيق
تحياتي
تقبلي مروري
عاشق الرحيل من اجل المستحيل

سلمت يداكي عالطرح
تحيتي لقلمك

تحياتى لطرحك...