[SIZE="4"]
..
..
" .. أنـــــا ولــَــيــــلـــى .. "حلقات من قصة أعجبتنيــ كثيرا فخطر بباليــ ان أنقلها لكمــ على عدة
أجزاء ,,
..
..
الجزء الأول ,,
كل يوم مثل هذا الوقت .. يجلس وحيداً في شقته الضيقة ..
يدخن سيجارته الأخيرة ويشرب قهوته الليلية ويرحل عبر شبكة الأنترنت ..
يبدأ دوماً بفتح بريده الإلكتروني .. يقرأ رسائل الأسرة والأصدقاء القادمة من وراء البحار..
يبتسم في وهن ويزيد لديه الشعور بالوحدة والألم النفسي ..
لقد رحل عن أسرته منذ زمن بعيد ربما كانت ثلاث سنوات فقط ..
لكنه يشعر بها سنين طوال أخذته منه أعز ما بداخله ..
رحل ليعمل بعد أن سدت في وجهه الأبواب في موطنه .. رحل إلى بلاد بعيده ..
بلاد باردة ..يسكنها بشر باردون .. ويمتلكون عيون زرقاء ثلجية وبشرة بيضاء شاحبة ..
وحرية بلا حدود .. بلاد بعيده .. حيث الخريف شتوي والشتاء قاسي يجمد الدماء في العروق
ويجمد الهواء ويجمد المشاعر ..
ثلاثة أعوام ..بلا صديق .. بلا أسرة ..بلا حبيبة ولا زوجة ..
أطباعه المتحفظة لم تجعله يغرق في بحر الحرية هناك ..ظل ملتزماً بما تربى عليه ولم يعرف فتاة
ولا أحب أحداهن برغم كل المغريات ..
فقط العمل يلتهم أيامه ثم البيت حيث لقمة تسد الجوع ونوم يريح بدنه من يوم شاق ..
ثم العمل مره أخرى ..
حياته جامده هامده روتينية ..ثلاث سنوات كالآلة لا يشعر أنه أنسان إلا في تلك اللحظة التي يفتح فيها
بريده الألكتروني ليتلقى اصدقاءة وأهله في احضانه ويدخن سيجارة آخر اليوم ويشرب آخر قدح قهوة
مره لهذا اليوم ..
البريد الوارد.. 4 رسائل جديدة .. تلك الأولى من شقيقه يحكي له كل يوم في رساله قصيره أخبار الأسرة
وينقل ثرثرة والدته وسلامها ..
كل يوم يجد منه رسالة .. حتى أصبحت هي الأخرى روتينية بلا طعم ..
حتى الرسالة التي تنقل أخبار أهله أصبحت باردة ككل شئ ..
هناك رسائل من الأصدقاء .. مازالت رسائلهم تثير ابتسامته لم تفقد طعمها بعد ..
أصدقاء الطفولة والصبا والدراسة .. مازالوا يتذكرونه ويكتبون إليه .. ليس كل يوم وإنما على فترات
متباعده لكن رسائلهم تحمل لذة لا تصدق .. تذكره بأيامه معهم حيث كانوا جميعهم بلا عمل ولا هدف ..
لكن كان سعيد ..كان يعيش بشكل طبيعي ينام ويصحو متى ما أراد يخرج مع اصدقاءه ويسهر بالخارج
كثيراً يلهو ويلعب وأحياناً يدعي الجدية فيبحث عن عمل ..لكنه كان يضحك من أعماقه ..دعاباتهم ومرحهم .
أواه من تلك الذكريات ..منذ ثلاث سنوات لم يضحك .. ربما ابتسم بوهن من شئ ما .. لكنه لا يضحك ..
رسائلهم كالعادة مليئة بالمزاح .. يفكر ويتنهد .. مازالوا يضحكون برغم عدم وجود عمل لهم وبرغم ضيق
الحال مازالوا يضحكون .. حقاً لكل شئ ثمن .. فأنا تركت الضحك وحصلت على المال وهم يمرحون بلا
مال ويرون من حين لآخر مستقبل بلا نور .. أنها معادلة عادلة .. العمل يلتهم صحته وحياته ويعطيه مال
يقيد خطواته ويربطه بسلاسل قوية .. لو تنازل عنه لعاد إلى المرح والعبث .. آه .. لكل شئ ثمن قاسي
يجب أن ندفعه ...
.. ..
يـتـــــبـــــعـــــ >>[/SIZE]