دمعة على خد الزمن
]بحثوا عنها ولم يجدوها...
صاح احدهم بحق الإله أين هي لم تمض سوى ساعات على هروبها!!
أيعقل أن تكون اختفت بهذه السرعة؟؟
استمروا في بحثهم اليائس عنها حتى وجدوها...
وجدوها هائمة على وجهها وشعرها ثائر وملابسها رثة بالية...
نظروا إليها ببرود وقسوة ...
وحدثوها بأن تعود معهم...
رفضت وبشدة ...
حاولوا سحبها ولكنها تسمرت في مكانها رافضة الحراك...
باءت محاولاتهم لإقناعها بالفشل...
اضطروا إلى رفعها وحملها بالقوة...
ارتفع صوتها بالبكاء والصراخ...
ولا أحد يستجيب لها..
خارت قواها من التعب فسكتت...
وصلوا عند مشارف قرية مهجورة...
وحبسوا تلك المجنونة على حد زعمهم في إحدى تلك البيوت القذرة...
رموها بقسوة ووحشية بين أربعة جدران...
لامنفذ للضوء والهواء بينها...
تطلعت إلى ما حولها بخوف..
نظرت إليهم وهم يتطلعون أليها والشر بين أعينهم..
ضحكوا وأغلقوا الباب خلفهم...
ضمت ركبتيها إلى صدرها وبكت...
أغشي عليها من كثرة البكاء...
فتحت عينيها...
لم تستطع أن ترى شيئا في تلك الظلمة الحالكة...
صاحت بصوتها...
أخرجوني أنا جائعة...
ولكن...
لا مجيب..
مشت على يديها علها تجد أحدا بقربها...
لم تجد سوى باب متين...
أقفل بسلاسل قوية ..
ضربت الباب بكل ما أوتيت من قوة..
ولم يرد عليها سوى نباح الكلاب الضالة...
رمت نفسها على الأرض وهي تبكي... لم تدر أين ذهبوا بها وتركوها...
تكومت على نفسها في زاوية تبكي..
ثم هدأت...
ثم...
سمعت من يناديها... حياتي.. هيا بنا نرحل...
سمع صوتها وهو يقول...
لا أريد الذهاب الآن ... دعنا نمضي دقائق أخرى أمام البحر...
شعرت بيدين تضمها وصوت يقول..
لا عليك يمكننا البقاء أنى شئت...
تقلبت..وحركت يدها بحثا عن تلك اليدين التي تضمها...
ولكنها لم تجد شيئا...
نادت يا منقذي أين أنت؟...
فرجع إليها صدى صوتها.. .وليس من مجيب..
بكت ...فذلك الصوت لم يكن سوى في ذاكرتها..
صرخت بأعلى صوتها...
ارحموني ...
أرجوكم ... أخرجوني من هنا ..
لم كل هذه القسوة...
أكان هذا بسبب تفاني في الحب والعطاء والتضحية...
لكم يا أغلى من في حياتي...
لم كل هذا الجبروت..
صرخت بأعلى صوتها...
ارحموني...
وسقطت..
فتح الباب...
وأنارت أشعة الشمس الغرفة...
وسقط الضوء على جسد حرم من النور لأيام...
بحثوا عنها فلم يجدوا سوى بقايا إنسانة محطمة ملقاة على الأرض..
إنسانة حملت بين جنبيها كل أنواع التضحية والحب...
لم يشيع ذالك الجسد المخملي سوى أناس قليلون...
أناس عرفوها أيام صباها ولهوها..
أناس عرفوا قدرها وجوهرها...
لم يشيع جسدها سوى شاب يتعثر في خطواته من البكاء عليها...
ذلك الشاب لم يكن سوى أخ لها...
أخ لم تلده لها أمها..
هذه الدنيا وأهلها لم ترحم قلوب أسرفت لها في العطاء إنما قابلتها بالإساءة والحقد..
هذه الدنيا وأهلها تسببوا في مقتل مشاعر كانت في أوج قوتها وحماسها...
هذه الدنيا وأهلها قتلت شخصا حاول أن يعطيها كل مالديه ورفض اخذ شيء له منها...
هذه الدنيا وأهلها حرمت إنسانة لها حرية العيش بأفكارها ومشاعرها من الحياة...
هذه الدنيا وأهلها لم تستجب لتلك النداءات البريئة...
وإنما تركتها تموت وحيدة بين أربعة جدران...
أقسى شيء في العالم أن يكون لك صوت ولا أحد يستمع إليك..
تحياتي للجميع