بسم الله الرحمن الرحيم
إستراتيجية كتابة المقال الموضوعي في الاختبارات
بقلم د. محمد بن محمود فجَّال
الأستاذ المشارك بقسم اللغة العربية وآدابها بكلية الآداب بجامعة الملك سعودكل شخص فينا مرَّ بتجربة ( يوم الاختبار ) ، وما يعتري الكثيرين فيه من قلق وخوف وارتباك ، وهذا الأمر ينطبق على صنفين من الطلاب ، هما :
الصنف الأول : الطالب الذي لا يجتهد في أثناء الفصل الدراسي ، ويؤخر المذاكرة إلى ما قبل الاختبارات بأيامٍ قليلة .
الصنف الثاني : الطالب الذي يعتريه الشعور بالقلق والارتباك لفرط اه
ه بكل حَدَثٍ مصيري في حياته .
وللتخلص من هذا القلق والارتباك أو على الأقل من قَدْرٍ كبير منه فعلى الطالب إدراك خطوات المذاكرة السليمة وخطوات الإجابة النموذجية ، فليس شعور العارف بالشيء كشعور الجاهل به .
وهذه إستراتيجيات كتابة المقال الموضوعي في الاختبار ، أسأل الله أن تجعل الأمر ميسورًا .
أولاً : طول الإجابة وقصرها
عندما يكتبُ الأستاذُ سؤالاً مقاليًّا في أسئلة الاختبار فإنه يريد إجابة محددة العناصر، فقد يريد شرح مسألة ، أو يريد أدلةً عليها ، أو يريد تحليلاً لها .
والدليل على ذلك أننا نكتب في نموذج الإجابة عناصر معيَّنة مختصرة ، فلو كتبها الطالب وربط بينها ، عُدَّت الإجابة صحيحة متكاملة .
وليس الأمر كما يظن بعض الطلاب أنَّ كثرة الأسطر المكتوبة لها تأثير في زيادة الدرجة ، فقد يكتب طالب الإجابة في صفحة واحدة ويأخذ الدرجة كاملة، وغيره يكتب الإجابة في ثلاث صفحات ولا يأخذ أية درجة .
ولذلك فإنه على الطالب أن يذاكر كل مسألة في المقرر على أساس عناصرها المهمة، ثم يتحرى عند الإجابة في الاختبار الانطلاق من هذه العناصر فقط .
ثانيًا :خطوات كتابة مقالة نموذجية
أي فقرة أو مقالة أو رسالة يجب أن تشتمل على أربعة أمور هي : ( عنوان ، ومقدمة ، وعرض ، وخاتمة ) .
العنوان يجب أن يكون مناسبًا، وجذَّابًا، وقد يكون جزءًا من آية أو حديث نبوي، أو جزءًا من بيت شعري ، أو يكون مثلاً شعبيًّا ، أو يكون استفهامًا أو تعجبًا .
ثم المقدمة يكون فيها تمهيد للموضوع ومدخل إليه.
والعَرْض فيه المراد من الموضوع وكل جزئياته.
أما الخاتمة ففيها النتيجة أو حكمة أو فيها طلبٌ معيَّن .
ثالثًا : خطوات تكوين المقالة في الذهن
الموضوعات التي تأتي في الاختبارات قد تكون تقليدية ، مثل : العمل والكرم ، وقد تكون شخصيّة ، مثل : السعادة .
وهناك طرائق متعددة لتناول كل موضوع ، وأوجز هنا بإيضاح أقرب هذه الطرائق إلى الأذهان .
في الموضوعات التقليدية تبدأ بكتابة ( مفهوم الشيء ومعناه ، ثم تنتقل إلى دليل عليه ، من آية أو حديث ، مع شرح مختصر لهذا الأمر ، ثم تكتب قصة واقعيَّة ، ثم تختم بمَثَل أو بشعر أو حكمة ) .
نأخذ مثالاً على ذلك موضوع ( العمل ) .
فيمكن أن أضع له عنوانًا هكذا :
حب العمل
ثم أبدأ بمقدمة للمقال فيها مفهوم العمل ومعناه ، تأمَّل :
العمل هو بذل المجهود في إنجاز ما يحتاج إليه الناس ، فالمهندس يخطط ، والطبيب يعالج ، والأستاذ يعلِّم ، والطَّبَّاخ يُعِدُّ الطعام .
لاحظ : ذكرتُ المفهوم ، ثم وضَّحته بأمثلة .
وأنتقل الآن إلى الأدلة ، تأمَّل ذلك .
وقد حثَّ - سبحانه وتعالى - على أهمية العمل فقال : ﴿فامشوا في مناكبها وكلوا من
رزقه ﴾ ، وقال - عزَّ من قائل - للسيدة مريم : ﴿وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبًا جنيًّا ﴾ ، فهي في وقت النِّفاس وتحتاج إلى من يخدمها ومع ذلك لم يضع الرطب في صحن أمامها ، بل طلب منها هزّ النخلة ، وهزها ليس بالأمر الهيِّن ، وفي ذلك دليل على أهمية العمل وبذل الجهد .
لاحظ فقد أتيت بآيتين وعلَّقت على إحداهما .
وأنتقل الآن إلى دليل من الحديث الشريف .
وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحملُ أشياءَهُ ويقول : صاحبُ الشيء أحقُّ بحمله .
وهذا توجيه منه لنا إلى أهمية العمل وعدم التكاسل .
أرى الآن حان وقت الختام .. تختلط المعلومات والأفكار ، وينسى الطالب كل شيء ، أقرب شيء توجيه نصيحة للشباب ، تأمَّل ذلك :
ولذا فإنه على الإنسان استغلال وقت شبابه في العمل، ولذلك فوائد كثيرة، منها تنشيط النَّفس والبَدَن، والحفاظ على صحة الجسم وقوته، والبعد عن الخمول الجالب للأمراض والعلل، وكفاية النَّفْس ، وخدمة الوطن وأبنائه .
وهكذا فإنَّ المقالة قد اكتملت عناصرها ( عنوان، مقدمة، عرض، خاتمة )، هذا من حيث الهيكل العام ، ومن حيث المضمون فإن فيها تسلسلاً منطقيًّا، تناولت الحديث عن العمل فاستوفته من خلال ( تعريف، وأدلة دينية مع شرح لها، ثم نصيحة) .
أما إذا أردنا كتابة موضوع يستدعي بيان رأي شخصي، كالكتابة عن السعادة، فيكون على النحو التالي:
( بيان مفهوم السعادة من وجهة نظر شخصية ، ثم كتابة أمثلة توضيحية تفصيلية ، ثم ختم المقال بجملتين )
تأمَّل ذلك :
السعادة
المقدمة على النحو الآتي :
السعادة راحة نفسية مصحوبة بسرور لا يشوبه هم ولا حزن.
ثم ننتقل إلى بيان الأمثلة ، تأمَّل ذلك .
ويختلف الناس بكيفية تحقيق هذه السعادة والوصول إليها، فأرى أنها تختبئ في طاعة الله - عز وجل -، والبعد عن معصيته .
وتظهر للطالب عندما تكون همَّته عالية نحو العلم، فيسعى للجد والاجتهاد ومراجعة الدروس وتطوير ذاته يومًا بعد آخر، ويبذل قصارى جهده في إحراز الدرجات العالية والتفوق، وتظهر للموظف عندما يقوم بأعماله بروح طيبة وبأمانة، وتظهر للأصدقاء والزملاء عندما يتعاملون مع بعضهم بصدق وإخلاص وحب، وتظهر للابن عندما يكون بارًّا بوالديه، وتظهر للإنسان عندما يكون رحيمًا بالآخرين، ويقدِّم لهم المساعدة، ويكون قلبه سليمًا خاليًا من الحقد والحسد.
وهذه الخاتمة :
فمن كانت هذه صفاته ، فإنه سينال السعادة في الدارين .
رابعًا : مراجعة المقالة
على الطالب مراجعة المقالة التي كتبها من خلال أربعة أمور، هي:
1- التأكد من خلو النص من الأخطاء الإملائية، كالخطأ في الهمزات وفي التاء المربوطة.
2- التأكد من خلو النص من الأخطاء النحوية، كنصب المفعول به مفردًا أو مثنى أو جمعًا، وكنصب خبر كان.
3- التأكد من وضوح معاني الجمل ، وخلوها من الإبهام ، ومن الألفاظ العامية ، فيقرؤها بعين الناقد للآخر.
4- التأكد من وضوح فكرة النص، وذلك بقراءته كاملاً وتعديل أي عبارة غير مفهومة.
لو تحقق ذلك في المقالة فإنها وافية كافية.
خامسًا : طريقة تصحيح الأستاذ للمقالة
يتأمل الأستاذ المقالة بنظرة أولية يرى من خلالها الهيكل الظاهري : ( عنوان ) ، ثم فقرات ( المقدمة ، والعرض، والخاتمة ) التي تكون من ثلاث إلى خمس فقرات بالكثير .
هذا الأمر سيجعل عنده انطباعًا أوليًّا عن جودة المقالة .
ثم يبدأ بالقراءة مركِّزًا على ثلاثة أمور، هي: الأخطاء الإملائية والنحوية والأسلوبية.
ومن وجهة نظري لو أنه لم يجد خطأ إملائيًّا أو نحويًّا أو خطأً في الأسلوب أو في هيكل المقالة الظاهري فإنه سيمنح الدرجة كاملة لهذا السؤال ، إلا في حالة كون الخط غير مقروء فقد يُنقِص درجتين إلى ثلاث من درجات الإملاء .
ويدخل مع ( الإملاء ) علامات الترقيم ، ويدخل مع ( الأسلوب ) الروابط التي تربط بين الجمل ، وجودة المفردات لغويًّا ، ومطابقة العبارات للمعنى المراد .
وهكذا نجد يسر وسهولة كتابة المقالة ، فهي لا تستدعي الخوف والارتباك بعد ذلك . وَفَّق الله الجميع .