مقالات ساخرة : مسميات عسكرية غزاوية فذة
هذه بعض المسميات العسكرية الجميلة التي برزت على الألسنة إبان الانتفاضة الأولى في أواخر الثمانينات، دعونا نتابعها ونسترجع معاً أيامنا الأولى ..
1- " رجلية " :
إن تذكرت قول جدتك المصابة بالروماتيزم حين تقول متألمة " أخْ يا رجلية " فأنت مخطئ اً، فأنا لا أقصد ذلك الجزء السفلي من الجسم الذي يُستخدم للمشي ولعب الكرة وضرب قطط الجيران المتطفلة بالشلوت ، بل أقصد بها ذلك المعنى الذي يبعث الرجفة حين نسمع بأن "الرجلية" قادمون من أحد الشوارع ..!
إذن كلمة "رجلية" اصطلاحاً لن تجدها في أي قاموس يحترم نفسه أو حتى لا يحترمها، فقط ستجدها في القاموس الغزاوي فصل الراء باب التاء المخنوقة كالتالي:
رجلية = لفظ يُطلق على جنود المشاة الاسرائيلية الذين يجوبون الشوارع حين كانوا يحتلون قطاع غزة ،وهذا اللفظ ليس له علاقة بطبيخ "الرجلة" الذي كانت تطبخه أم العبد قبل تسعين سنة ..!
إذن لابد أنك تذكرت الآن تلك الأصوات المتحمس 577; في المخيم القائلة: "الحقوا يا شباب ، فيه رجلية جاية من شارع النسمية، عليهم .. الله أكبر .. ولعت .. حريقة .." بعدها يبدأ "تطبيش" الحجارة والمراوغة ، لينتهي الحفل بهروب هؤلاء "الرجلية" الأوغاد بعد إطلاقهم الرصاص على الشبان.. ثم ،بعد انتهاء المعمعمة، يحلو الحديث عن جبن هؤلاء الرجلية وكيف أنهم أغبياء لدرجة غبية، وكيف أن أحدنا طبش قائدهم " بحجر زلط في نص عينه خلاه يلعن تميسه " ..
طبعاً انقرضت هذه اللفظة بعد انتهاء الانتفاضة الأولى، ليأتي بعدها ألفاظ أخرى تبعاً لاختلاف الأحداث، لكنها ليست بروعة ولا جمال ولا قوة تعبير كلمة "رجلية" تلك الكلمة التي عجزت القواميس أن تلد مثلها ..!
2- " جب الصرصور " :
هذا المصطلح المركب مكون من شقين ، الأول " جب " وهي اختصار للكلمة الانجليزية "Jeep" , والثاني " صرصور" وهي كلمة شهيرة تعود على كائن زاحف طيار غير عاقل لا يحتاج إلى ترجمة بل إلى "شبشب" مقاس 45 فما فوق ..!
إذن الحكاية واضحة اً .. لدينا "جب" ولدينا "صرصور" وبأخذ القاسم المشترك الأصغر ينتج لنا "جب الصرصور" الصغير المحندق ذو الشعر الأسود السريع الحركة ، والذي يستطيع أن يدخل أي زقاق وأن يصعد أي سلم أثناء مطاردته لراشقي الحجارة مسبباً إزعاجاً ورعباً في المنطقة .. وكما يقول المثل : إذا رأيت جب الصرصور قادماً من هذا الشارع فلا تظننّ أن الصرصور يبتسم ..!
3- " مش مارق فول " :
وهذا أكثر المصطلحات عبقرية وتأثيراً ورعباً، قله لأمرأة حامل فستسقط جنينها فوراً، قله لوردة حمراء فستذبل حالاً ولن تنتج رحيقاً لخمسين عاماً أخرى، قله لأبو الهول نفسه فسيتحول رأسه إلى فأر مذعور، قله لدودة اسكارس فستصاب بانفلونزا الغربان وستموت في الحال.. لقد اتفق الجمي 593; ، بما فيهم كاتب هذه السطور، على أن كلمة " مش مارق فول " هي واحدة من أرعب كلمات قيلت على مر التاريخ ومنذ أن بدأ الإنسان الأول يتعلم الكلام ومنذ أن نطق أول مولود كلمة "واااااااااااء" ..!
السؤال الذي يطرح نفسه بشدة هو : ما الذي تعنيه هذه الكلمة التي تسببت في حالات وفيات على مستوى المعمورة وملأت مستشفى الأمراض النفسية بألف نزيل في الثانية؟ وللإجابة على ذلك دعونا نستطلع رأي الشارع عن أصل هذا المصطلح، فكما تعرفون لم يُخترع بعد القاموس القادر على استيعاب مصطلح بهذه القوة والروعة والرعب ..!
" مش مارق فول "
الرأي الأول يقول أن هذا المصطلح أصله " إيش ماكل ؟ فول ! " وكما تلاحظون فعلامة الاستفهام أتت بعد المقطع الأول وعلامة التعجب بعد المقطع الثاني، وهو يُطلق على من تظهر عليه عوارض أكل الفول مثل التوهان والسرحان والتخبط في العمدان .. ومع الزمن تغير هذا المصطلح نظراً لاختلاف الثقافات التي تعرضت لهذا الوباء فأصبح " مش مارق فول " خليط من عربي على فرنسي على سنسكريتي على برتغالي ..!
الرأي الثاني يقول أن أصل هذا المصطلح هو " إيش ؟ ماكل فول ! " وهو مصطلح يختلف عن المصطلح الأول السابق ذكره حيث أن علامة الاستفهام هنا جاءت بعد الكلمة الأولى وعلامة التعجب جاءت بعد الكلمتين الآخيرتين وبالتأكيد المعنى يختلف .. فهنا يعني الذهول الذي ينتاب الشخص حين يعرف أن صاحبه الأنتيم أكل فولاً مما يعني أن عليه أن يتحمل تبعات هذه الكارثة وحده ..!
الرأي الثالث يقول أن أصله هو "مش ماكل فول"، وهو مصطلح بلا علامات استفهام أو تعجب والمقصود به النهي التام عن أكل الفول، فحين تجتمع العائلة صباحاً أو مساءاً لأكل الفول، يقول أحدهم أنه لا يرغب في أكل الفول حتى لا تظهر عليه الأعراض السابق ذكرها.. ومع اشتداد بؤرة المعارضة لأكل الفول تطور المصطلح ليصبح " مش مارق فول" بعد أن وصلت شهرة هذه الثورة إلى تشي جيفارا وأريس فنتونا وأميتاب بتشان وأميتون شاكربورتي وعلي مفة وأشرف كخة ونادية سليم محمد وحمادة سبع الليل ..
بل يقال أن قراصنة الصومال استخدموا هذا المصطلح للسطو على السفن وكانت النتائج مذهلة قبل أن يتدخل السي آي إيه لإنقاذ الموقف واختراع مض;اد لهذا المصطلح أطلق عليه " أنتي مش مارق فول-Anti folism "
دعونا من التقليب في صفحات التاريخ ولنعرف ما الذي يعنيه هذه المصطلح تحديداً في غزة، إن له معنى مختلف عما سبق ذكره، فهو يعني : " قوات النخبة الإسرائيلية التي تتجول في جب الصرصور وتطارد المتظاهرين وراشقي الحجارة عندما يتأزم الموقف " .. وبتبسيط الكلمات نرى أن أصل المصطلح في المجتمع الغزاوي نابع عن إيمانه بأن قوات النخبة الإسرائيلية هم مجموعة من البلهى والمتطفلين والمزعجين كالصراصير والذين يطلقون الرصاص الحي ويلتصقون بالجيبات كأصابع الأمير، وقد اكتسبوا الشهرة لعاملين مهمين الأول هو الغباء والثاني هو القوة .. وهذا مزيج فريد لا يجتمع إلا لهم ..!
وإلى لقاء في مسميات أخرى .. لكن احذروا فقوات "الرجلية" تراقبكم .. وخلفها .. جب الصرصور ينتظر ..!