ورحمة الله وبركاتة
ما حكم خلوة المرأة مع "سائق التاكسي"؟
لا يجوز تحريم أو إباحة ذلك على المطلق
خرجت من منزلها على عجل.. كانت عقارب الساعة تشير إلى السابعة وخمسين دقيقة صباحاً، ولم يتبق سوى عشر دقائق لتبدأ محاضرتها الجامعية، وقفت "بنان" على قارعة الطريق في انتظار أي سيارة "تاكسي" توصلها إلى الجامعة.
انتظرت قليلاً حتى توقفت لها سيارة لا يوجد فيها أحد, ركبتها "بنان" فسلمت على السائق, وأعطته أجرته, وعندما اقتربت من موقع نزولها, طلبت منه إنزالها في منطقة معينة, فشكرته ونزلت.
كان هذا كل ما جرى في السيارة خلال ربع الساعة التي احتاجتها "بنان" لتصل من مكان سكناها إلى جامعتها, وما أن نزلت من السيارة حتى التقت بإحدى صديقاتها التي طرحت عليها سؤالاً لم تكن تتوقعه منها, "هل كنت وحدك معه في السيارة؟!".
أجابتها "بنان" باستنكار: "نعم, وماذا في ذلك؟", أخبرتها صديقتها" ألا تعرفين بأنه لا يجوز لك ركوب السيارة مع السائق بدون محرم أو بدون وجود ركاب آخرين", ارتسمت على وجه "بنان" علامات الاستغراب والدهشة من كلام صديقتها.
وبدأت الأفكار تغزو عقل "بنان".."هل أكون بذلك قد ارتكبت معصية وأغضبت الله تعالى؟!, رغم أنني كنت أتحرى الخير وأتقرب به إلى الله وأجتنب الشر وأعوذ بالله منه..
وأرسلت بتلك التساؤلات إلى بريد القراء في صحيفة "فلسطين" لتستفسر عن هذا الموضوع وعن رأي الشرع فيه.
حسب الموقف والحالة
ورداً على ذلك، قال د. زياد مقداد أستاذ أصول الفقه وعميد الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية :"لا يمكن الحكم في هذا الموضوع بالتحليل أو التحريم بشكل مطلق, فالأمر يختلف من موقف لموقف, ومن حالة لحالة أخرى".
القاعدة الأساسية في هذا الموضوع أن تحتاط المرأة لنفسها وألا تركب سيارة تشك في أمرها
وأضاف: "القاعدة الأساسية في هذا الموضوع أن تحتاط المرأة لنفسها, وألا تركب سيارة تشك في أمرها, ولكن إذا ما كانت مضطرة لذلك وفي داخل البلد فلا إشكال في ذلك, أما إذا كان المكان بعيداً, والسائق غير معروف, فهذا يدعو إلى ضرورة التثبت وعدم الاندفاع, حتى وإن كانت مضطرة لهذا المشوار".
وأضاف: "إذا كانت المرأة تثق في مكتب معين للسيارات معروف بأخلاقه وأمانة سائقيه, فلا بأس من أن تركب المرأة لوحدها مع السائق, وكذلك يمكن الركوب مع السائق المعروف في المنطقة".
وأكد أن الخلوة تنتفي في حال كان مشوار المرأة داخل البلد, واحتمال انضمام ركاب جدد في السيارة أمر وارد بشكل كبير, كما أن إمكانية حدوث معاكسات أو عمليات اختطاف أو سرقة أموال من قبل السائقين, أمر وارد ولكن حدوثه في الأماكن المزدحمة والمعروفة أمر نادر الحدوث.
وأشار مقداد إلى أن الاحتمالات تبقى لحدوث بعض المشاكل والاحتمالات التي قد لا يحمد عقباها, وأن الموقف هو الذي يحكم التحريم والتحليل في هذا الموضوع, والأمر يعود للمرأة التي يجب أن تحتاط لنفسها وتخاف عليها.
وأوضح أن على المرأة أن تكون محتشمة ومستورة وألا تبادل السائق الحديث إلا في حدود الضرورة كدفع الأجرة أو غير ذلك, وهذا أدعى إلى الأمان ووصول المرأة بسلام.
وسئُل الشيخ الألباني عن ركوب المرأة السيارة وحدها فأجاز ذلك بثلاثة شروط: 1- أن يكون في وسط البلد. 2- أن يكون مع سائق مخبور متدين. 3- الأمن على المرأة من الاختطاف, ولم يجعل الشيخ رحمه الله تعالى ذلك خلوة.
خشية الفتنة
أما الشيخ ابن إبراهيم فقال في رد على سؤال عن حكم ركوب النساء في سيارات الأجرة "التاكسي"، :"إن ركوب المرأة الأجنبية مع صاحب السيارة منفردة بدون محرم يرافقها منكر ظاهر وفيه عدة مفاسد لا يستهان بها".
ركوب المرأة الأجنبية مع صاحب السيارة منفردة بدون محرم يرافقها منكر ظاهر وفيه عدة مفاسد لا يستهان بها ابن إبراهيم
والرجل الذي يرضى بذلك لمحارمه ضعيف الدين ناقص الرجولة قليل الغيرة على محارمه وقد قال صلى الله عليه وسلم " ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما ، وركوبها معه في السيارة أبلغ من الخلوة بها في بيت ونحوه، لأنه يتمكن من الذهاب بها حيث شاء من البلد أو خارج البلد طوعاً منها أو كرهاً- وفق ابن إبراهيم.
ويترتب على ذلك من المفاسد أعظم مما يترتب على الخلوة المجردة، ولا يخفى آثار فتنة النساء المترتبة عليها ففي الحديث :" ما تركت بعدي اضر على الرجال من النساء "، وفي الحديث الآخر :" اتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني (إسرائيل) كانت في النساء".
والواجب علينا وعليكم أنه يتعين البت في منع ركوب أي امرأة أجنبية مع صاحب "التاكسي" بدون مرافق لها من محارمها أو من يقوم مقامه مع محارمه أو أتباعهم المأمونين المعروفين، كما ينبغي نصيحة النساء وولاة أمورهن وتذكيرهم بما ورد وتخويفهم مغبة طاعة النساء فقد روي في الحديث :" هلك الرجال حين أطاعوا النساء "، وفي الحديث الآخر " ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب للُب ذي اللب من إحداكن".