ستون عاما مضت.. انتهك فيها العدو المجرم أرضنا.. وطرد منها شعبنا.. وصادر ممتلكاتنا.. وأسس على ثراها كيانه الغاصب في ظل صمت أو ترحيب دولي وعالمي..
هكذا كان الوضع قبل ستين عاما.. وأما الآن فالملايين من أصحاب هذا الحق المغصوب في الخارج يحيون هذه الذكرى وكلهم أمل في عودتهم إلى أراضيهم وبياراتهم وقدسهم الشريف..
لكن أراد البعض -وما زالوا يريدون- أن ينسونا واقعها وأحداثها ومجرياتها.. ويجعلوها سببا للتنازل عن أرضنا المغتصبة بحجة السلام المزعوم.. وفقه الواقع والتماشي مع الأمر الحالي والتعايش معه.
لم يقو هؤلاء على تسويق أفكارهم؛ لأن الكل عندما يتذكر هذه المناسبة يتذكر المجازر التي ارتكبت من دير ياسين وكفر قاسم.. إلى غزة هاشم في العصر الحديث..
يتذكر شعبنا مسلسلا من الجرائم التي قام بها هذا الاحتلال.. ومع ذلك يصر هؤلاء على التفاوض والاعتراف بدولته القائمة على دمائنا وجماجمنا.. وليس هذا فحسب، بل وصل الأمر إلى الاقتصار على فتات من أرضنا نقيم عليها دولتنا ونعترف بدولة من طردونا من بيوتنا..
إن الذي يعترف بهذا الكيان قد خان آباءه وأجداده الذين طردوا من أراضيهم.. وهو في مقام المنكر لدماء آلاف بل عشرات الآلاف من الشهداء الذين قدموا أرواحهم وأنفسهم فداء لها ولحمايتها..
لن ينسى شعبنا في هذه الذكرى دماء القسام والحسيني.. ولن ينسى كل من قاوم المحتل للدفاع عنها.. لكنه سينسى كل من فاوض وأصر على التنازل.. وقمع المقاومين وزجهم في السجون في حين يمارس دوره في حماية القتلة الداخلين لمناطقنا –بالخطأ–.
في هذه الذكرى أستهجن ممن يرفض الحوار مع أخيه بحجة أنه استولى على أرض هي له أصلا.. وهو قائدها قانونا وشرعا.. ولكنه في نفس الوقت يجلس مع قاتل شعبه.. لا أقول إلا أن المفاهيم قد انقلبت عندهم.. وشتان بين من يتذكر احتلال اليهود لفلسطين في هذه الأيام.. وبين من يوردها ليستغلها بمهاجمة من طبقوا القانون ودافعوا وما زالوا يدافعون عن شعبهم في غزة..
لا ضير في ذلك.. لكن الحق واضح كالشمس.. مهما حاول البعض إخفاءه.. فتبقى فلسطين هي فلسطين مهما مرت السنوات والذكريات. ويبقى العدو هو العدو مهما تغير زعماؤه وقادته. ويبقى أصحاب السلام من شعبنا هم مستسلمون طالما انهم يفاوضون الاحتلال ويساومون على أرضنا ومقدساتنا مهما ادعوا أنهم حققوا من منجزات وهمية لا حقيقة لها..
في الذكرى الستين للنكبة... ما زال الفلسطينيون في الخارج يحلمون بالعودة إلى بلادهم، خاصة وأن المقاومة في كل يوم ترسم صورة من صور النصر والعزة على أرض لا تعشق إلا لون المجد والكرامة. فأصبح الحلم الآن أقرب، وكأننا نشم رائحة القدس وحيفا ويافا ..
في هذه الذكرى.. سيتذكر شعبنا أهل غزة الصامدة الذين ضربوا أروع الأمثلة في الصمود والشموخ.. ورفض التنازل والاستسلام.. سيتذكر شعبنا كل من وقف معهم وساندهم وكل قادتهم المقاومين الأكابر الذين يقودون سفينة شعبنا نحو الرسو في أرضهم التي انتزعت منهم.
في ختام كلامي أقول.. نحن أقرب إلى النصر.. وأنا على يقين أننا سننتصر لكل المظلومين والمطرودين والمهجرين والشهداء والجرحى والأسرى.. وسنعود إليك يا فلسطين وعسى أن يكون رجوعنا إليك قريبا.