فن التخاطب مع الناس
فن التخاطب مع الآخرين
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم
أولا : ماهية التخاطب :
إن التخاطب فن من الفنون ويدرس في كبرى جامعات العالم فكوني أتخاطب معكم أتلبس صفة الخطاب وينعكس ذلك عليكم بالسماع
وموضوع الخطاب .
ويعني ذلك أن للتخاطب أركان وهي :
1- المخاطِب ( المتكلم ) .
2- المخاطَب ( المستمع) .
3- موضوع التخاطب .
4- الحوار .
أولا:المخاطب ( المتكلم ):.
ويجب عليه أن يتحلى بعدة صفات هي:.
1- الحصر والإيجاز وهي أن تختصر الكلمات وتستوفي المعني بحيث لا يكون هناك نقص في الكلام وهذا ما جعله علماء اللغة من شروط قبول الكلام ( جملة مفيدة ) .
مثل ذلك ، أن تكون قد كلفت في مهمة ويكون المكلف منتظرا النتيجة !!!كأن يقول لك مدير المشتروات: إذهب يا [ س] وتفاوض مع
المصنع الفلاني في سعر البضاعة الجديدة! غبت بضع ساعات ثم عدت وفتحت لمديرك شريط الذكريات وقلت له ذهبت إليه وقال
لي: كذا وكذا ؛ وقلت له: كذا وكذا ثم رفع يده ووضع القلم وجاءه إتصال هاتفي وطلب لنا عصيرا وكان ذلك العصير لذيذا وكان في
مكتبه ساعتان .........إلى آخر ذلك من الكلام الذي يطيل المجال ولا داعي لذكره.
قف هنا وتذكر موقفا مشابها له واذكر ما هو الموقف الذي قمت به في تلك اللحظة ؟
الموقف : .................................................. .................................................. .................................................. .................................................. .................................................. ..........................
الموقف المقابل :................................................. .................................................. .................................................. .................................................. .................................................. .................................................. .................................................. .................................................. .................................................. .................................................. .................................................. .................................................. .................................................. .............................................
" انتهي "
عودة إلى الموضوع :
ترى بعض الناس يطيل الكلام في الجوانب الغير مهمة كأن يذكر طول الرجل و قصره أو يذكر ملابسه ويذكر مكتبه إلى غير ذلك ، بل
كان حريا به أن يوجز ويذكر أهم النقاط كأن يقول: وصلنا بعد المفاوضة إلى كذا وكذا وهو مناسب لنا لأنه كذا وكذا
وإذا طلب منك هو تفصيل ذلك تزيد عن ذلك بذكر كلامك وذكر كلامه دون التطرق للأشياء الجانبية.
2- الجدية في الخطاب: أي لا تهزأ ولا تخرج من أصل موضع الخطاب ولا تنتقل إلى نقطة حتى يتم الأولى.
3- أن يتوجه بكله إلى من يتكلم معه ؛ يروى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان إذا تكلم مع أحد أو كلمه أحد كان يسمعه بكله وإذا ناداه أحدهم أجابه بكله.
4- أن لا ينشغل مع أحد غير من يتكلم معه ؛ يروى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان إذا تكلم مع أصحابه كأنه كان يتكلم مع كل واحد لوحده. حتى كانوا يقولون: كأن رسول الله كان يخاطبني وحدي. وذلك لما يبديه رسول الله من اه
لسامعيه. و ما يخالف هذا أن يكون [ ص] من الناس يتكلم مع [ س] من الناس ويتكلم مع [ أ ] و [ جـ] ويترك [ س] منتظرا.
5- أن تجعل لكلامك فواصل ترفع صوتك في مواضع وتخفضه في أخرى .
6- تختار أهم المواضيع وتبدأ به .
7- تحترم العقول عند الخطاب أي تتكلم مع كل شخص بما يفهمه وما يعيه الأمي مثلاً عندما تريد أن توصل إليه معلومة ولا تأتي بمصطلحات وقواعد أو قوانين بل تعطيه لبها ؛ وأما المثقف فقد يطلب المصادر والمراجع ومعه تأتي بالقوانين والقواعد . أو أن أحدا يفهم بطريقة الحوار وآخر لا يفهم إلا بالشدة والكلام الصارم ؛ والبعض لا يفهم إلا بالأمثلة ؛؛ وكل له طريقة يفهم بها فتختار لكل شخص الطريقة التي تناسبه ؛ كما قال الإمام علي في معنى كلامه: كلموا الناس بما يفهمون (خاطبوا الناس على قدر عقولهم) .؛ وكما حدث مع الأعرابي الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يسأله عن الصلاة فقال له رسول الله(( الفجر اثنتان والظهر أربع والعصر أربع والمغرب ثلاثا والعشاء أربعا.)) فردد له الرسول ثلاث مرات وكان الأعرابي يخطئ في كل مرة ؛ فقال أبو بكر يا رسول الله هل أعلمه أنا ؟ قال: نعم! قال أبو بكر:
صلاتنا خمسُ فروضٍ فاسمعْ***إثنتـــــا الفجر و ظهرٌ أربَع
وأربعُ العصرِ ثلاثٌ مغربْ***هم الشهود و العشاءُ أربعْ
8- الإتيان بالأدلة والشهود على كلامك.
9- إذا لمست من المستمع الخمول أو النوم فنشطه بالنوادر وبتوجيه الأسئلة .
10- إحترام أوقات الناس.
11- أن لا تكثر من كلمة أنا.
ثانيا: المخاطَب ( المستمع ) :.
وهو عليه الإلتزام بهذه الصفات كي يحقق الهدف من السماع وهو الفهم ؛ كما يقال:[ فهم السؤال نصف الإجابة!] ؛ وهذه الصفات هي:.
1- أن يقابل المتكلم ليشعر المتكلم بأهمية كلامه وهذا يساعد السامع على الإستيعاب .
2- عدم الإنشغال بالتأمل لشخص المتكلم وأوصافه .
3- عدم تتبع عثرات الكلام.
4- عدم التلفت والتثاؤب وفرقعة ( قرقعة) الأصابع وتقليب الصحف والجرائد وملاعبة الأطفال وغيره .
5- عدم مقاطعة كلام المتكلم حتى يتم حديثه لتكتمل فائدة الكلام .
6- إذا طلب المتكلم الإجابة عليك أن تجيب على قدر السؤال ولا تتطرق إلى الجوانب الأخرى لهذا السؤال .
7- إنتظر الإجابة منه وعند عدم وضوح الإجابة عليك إعادة السؤال بصيغة أخرى .
8- إختر من كلام المتكلم أطايبه وانصحه في غيره أو حاوره .
9- إذا كان في كلامه الإساءة للدين أو المسلمين و الخوض في أعراضهم قاطعه بسؤال في غير موضوعه مع البيان له .
10- أعط المتكلم كفايته من الوقت حتى لا يرتبك وينقص في إيصال الفائدة لك .
ثالثاً: موضوع التخاطب :
لا بد للموضوع أن يكون له صفة محددة ويضبطه ضوابط يراعيها المتكلم والمستمع وليس في كل موضوع يصلح التكلم فيه ويمكن أن يقسم موضوع التخاطب إلى ثلاثة أقسام:
1- موضوع تخاطب محرم ؛ كمن يتكلم ويخوض في ذات الله بالتشبيه والتكييف والتمثيل بغير علم ؛ ويتكلم عن أعراض الناس بالغيبة والنميمة أو ينصر أعداء المسلمين بكلامه أو يفشي أسراراً اؤتمن عليها كأسرار الشركة التي يعمل بها أو الأسرار العسكرية .
2- موضوع تخاطب مباح ؛ وهذا مثل الكلام العادي الذي يكون دائما بين الناس ؛ مثل: الحديث عن الأسعار والطقس وأحوال العمل وطبيعته .
3- موضوع تخاطب واجب ؛ مثل تعليم الناس وتعريف الناس بالحق وتعليم الكفار سماحة الإسلام والإيصال إلى العالم أخلاق الرسول وإنسانيته وأنه أعظم إنسان على هذه البسيطة وبشهادة غير المسلمين ؛ أو التكلم في حل مشاكل المسلمين و الإكثار من ذكر آلام المسلمين وتذكير الناس بالمسلمين المنكوبين والمضطهدين والذين استحلت أرضهم وغير هذا كثير .
رابعاً: الحوار ( النقاش ) :
لقد حظي الحوار بالإه
في ظل الشريعة الإسلامية بمناقشة الكافر ليقتنع بالإسلام فقال تعالى ( لا إكراه في الدين )) ؛ وقابل هذه الآية بقوله: (( وجادلهم بالتي هي أحسن )) ومناقشة العاصي ومناقشة المخالف وغير ذلك .
أنواع الحوار:.
1- الحوار الهادم 2- الحوار التعنتي
3- الحوار البناء 4- الحوار التعليمي
أولاً: الحوار الهادم :.
ويسميه بعضهم الحوار العقيم أي لا ينتج من ورائه فائدة ولا نخرج منه بطائلة سوى ضياع الوقت وإهدار الأعراض .
ومن الأسباب التي جعلت هذا الحوار هادماً :
أنهم لا يتحرجون في اختيار مواضيع الحوار وأن كل واحد يخوض في الحوار من أي جانب شاء ومن أي موضوع شاء ؛ والهدف منه غلبة الخصم سواء بالحق أو بالباطل .
ثانياً: الحوار التعنتي :.
وهو عند بعض الناس فإذا دخلت معهم في حوار يعاند ليستمر الحوار ويخالفك لأجل المخالفة فقط ولو أنه مقتنع في قرارة نفسه أنه على خطأ والصواب معك ولكنه يحاور ليعاند وليقال عنه أنه محاور ناجح .
ثالثاً: الحوار البناء :.
و هو الذي ذكره الله في كتابه وحث عليه المسلمين أن يأخذوا به وأنه هو الأولى في حل المشاكل والأزمات ؛ وله شروط وضوابط:
أولاً: شروط المحاور والحوار:.
1- أن يراعي آداب الكلام التي سبق ذكرها .
2- أن يحترم آراء الآخرين ولا يسخر منها .
3- اختيار المواضيع المهمة للبدء بها .
4- أن يستوفوا جميع جوانب الموضوع .
5- أن يتواجد في طاولة الحوار كل الأدلة والبيانات والمراجع .
6- أن يتوفر الجو المناسب .
7- أن يكون مرادهم معرفة الحق .
8- تنازل مع الخصم في الجوانب التي لا تضرك .
ثانياً: الضوابط :.
1- يكون بين طرفين وإذا زاد عن اثنين فسيذهب معنى الحوار ويصحبهم أمير أو حكم أو مدير للحوار ؛ وأي مصطلح فيه يصح .
2- أن يكون لهم وقت محدد فإنه إذا زاد الحديث عن زمنه كان للشيطان فيه نصيب .
3- يكون الحوار حول موضوع واحد فقط .
4- أن لا ينتهي الحوار إلا بنقطة اختلاف أو اتفاق مع احترام اختلاف الآراء .
5- التقرب من جوانب الإتفاق والبعد عن جوانب الإختلاف .
6- عدم رفع الصوت والتعصب وهذا دليل على الإفلاس وعدم وجود الدليل معه .
رابعاً: الحوار التعليمي :.
وهذا من الحوار الممدوح في القرآن الكريم وهو واضح في حديث الرسول مع جبريل عندما جاءه يسأله عن الإسلام والإيمان والإحسان والساعة وأشراطها ؛ وأيضا استعمله النبي مع الجارية عندما سألها أين الله ؟ فأجابت: في السماء .
مستثنيات :
لك أن تخرج مما ذكرت في حالات نذكرها في الآتي:.
أولا في المقاطعة :
لك أن توقف المتكلم وتقاطعه إذا لمست منه أنه أطال الكلام وأن كلامه لا يهدف إلى موضوع محدد ؛ ولك الحق في الحفاظ على وقتك وإذا رأيت أنه أضاع وقتك فقاطعه .
وهو عند الصفة الخامسة للمستمع التي تقول ( عدم مقاطعة المتكلم ) .
ثانيا : عند الإجابة :
قد يحتاج في بعض الأحيان الإجابة بشيء من التفصيل وفي هذه الحالة لا بأس أن تخرج ولكن بعد إذن المتكلم .
ثالثا : موضوع الحوار :.
ويستثنى من التخاطب المحرم الغيبة في حالة واحدة ؛ أن تكون فيها مصلحة مثل أن تعرفه أو تحذر منه أو تسأل عنه كما جمعها أحدهم في بيت شعري ؛ كما يستثنى من التخاطب المباح ما يجر إلى حرام كمن يتكلم لمعرفة الطقس فيجره ذلك إلى سب الطقس مما يؤدي إلى السخط على أقدار الله .
رابعاً : شروط الحوار البناء :.
ويستثنى من ذلك إذا انتهى الوقت المحدد للحوار ولم تستوفي جوانب الحوار ففي هذه الحالة يؤجل الحوار إلى مجلس آخر ؛ مع حفظ آخر
نقطة وصلوا إليها .ويستثنى أيضا إذا تعسر وجود مرجع أو عدم إمكانية إحظار ذلك المرجع أو الدليل معه وفي هذه الحالة يحيل الطرف الثاني إلى المرجع والدليل إذا أصر على معرفته ورؤيته .
خامساً : ضوابط الحوار البناء :.
يستثنى منه إذا فرغوا من موضوع و من جميع جوانبه وخرجوا بنقطة اتفاق أو اختلاف ثم لهم بعد ذلك أن يختاروا موضوع آخر في نفس الجلسة .
هذا ما تيسر والله الحمد وصلى الله وسلم على محمد وعلى آلآله وصحنه وسلم