[ أهم مايمز القضية الفلسطينية في الراهن أنها أضحت تنتمي إلى البناء الفوقي أكثر من انتمائها للبناء التحتي ] .
في العودة إلى الأسس السياسية التي قام عليها الفكر الصهيوني السياسي أنه نجح في تدويل المسألة اليهودية وقذف بها في أحضان العالم لتتلقفها وتساندها وتتبناها أكبر الإمبرياليات في ذلك الحين وهي بريطانيا ، ونحن في القضية الفلسطينية نجحنا أيضاً وعبر مسار طويل من المعاناة والدماء والشهداء أن نقذف بقضيتنا إلى أحضان العالم ونجعلها قضية سياسية عالمية وكما قال الزعيم الراحل ياسر عرفات ' من فلسطين يبدأ السلام ومن فلسطين تندلع الحرب ' لذا فإن طرح هذه المقولة يبرهن على أن القيادة الفلسطينية كانت مدركةً كل الإدراك الآثار والأبعاد المترتبة على جعل القضية الفلسطينية قضية دولية .
سؤالنا اليوم هل الدولة الفلسطينية وقيامها على حدود الرابع من حزيران هي حاجة دولية كما كانت الدولة اليهودية قبل قيامها حيث نجح قادة الحركة الصهيونية في ربط دولتهم اليهودية بعجلة الإمبريالية كخادمة مطيعة لمصالحها ، من هنا حازت الدولة اليهودية على الرعاية الدولية ، هنا أعيد سؤالي عن دولتنا الفلسطينية ، هل هي فعلاً حاجة دولية وحاجة عربية ...؟ بديهيًا أن أؤكد أنها حاجة فلسطينية لكن ليس من المؤكد القول أنها حاجة عربية ودولية معاً ، خاصةً وأن الوضع الرسمي العربي قد فكك عرى ارتباط سياسته الإقليمية بالسياسات الدولية على أساس جعل القضية الفلسطينية هي القضية المركزية لأي تحرك عربي مع دول الغرب ...
لذا أستطيع القول أن الدولة الفلسطينية لم تعد حاجة عربية ملحة ، أما دولياً فلا أرى أيضاً أن الدولة الفلسطينية وقيامها يشكلان حدثاً مرجعيا مؤسساً للسياسة الدولية خاصةً في الساحة الأمريكية ، فبعد قدوم أوباما تفائلنا خيراً من خلال برنامجه الانتخابي الذي دعا لإقامة سلام عادل وشامل في منطقة الشرق الأوسط وحل الصراع العربي الإسرائيلي على أساس قرارات الشرعية الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية (( 181 .242 . 338)) ، لكن الواقع يؤكد تراجع السيد أوباما عن وعوده وبرنامجه الانتخابي الذي وعد به ، من هنا نؤكد أن قيام الدولة الفلسطينية يخضع كلياً إلى ثلاثة عوامل : الذاتية والموضوعية والما وراء موضوعية ، فالعامل الذاتي يخضع أيضاً إلى موازين القوى التي تحكم الصراع ، أما العامل الموضوعي فهو يخضع إلى مدى قوة العامل الذاتي الفلسطيني وتأثيره بالعامل الموضوعي ، أما ما وراء الموضوعي فهو يخضع أيضا لمعادلة موازين القوة وإلى المصالح المنفعية التي يجنيها من وراء قيام دولة فلسطينية ، باعتقادي الشخصي أن أهم عامل يمكن أن يجنيه العامل الدولي من قيام الدولة الفلسطينية هو عامل إنهاء الصراع في هذه المنطقة الإستراتيجية من العالم وخلق مناخات استثمارية ضخمة يمكنها أن تكفل بقاء أمريكا سيدة للعالم العولمي وما بعد عالم العولمة ، ذو الاقتصاد الرمزي .
==========