الجاعونة، البطيحة، بيسمون، سعسع, سنرية,عموقة, عكبرة, ماروس, الناعمة... أم الزينات, أم الشوف, خربة الدامون, دير الحنون, كفر لام, خربة المنصورة قمبازة, ياجور أم عجرة,
الاشرفية , جسر المجامع, تل الشوف, ام صابونة, عرب الصفا ، أم خالد, قاقون, سحماتا, سروح, الغابسية, خربة الصوانة, ضميدة, الغزلين, معلول, خربة وادي الضبع, نزلة زيد, عنزة, اللجون, المزار, النورس, ابو شوشة, بئر سالم, بيت, جيز, القسطل, عمواس, عجنجول, اللطرون, مجدل الصادق, المزيرعة, النبي روبين, النعاني ، عين كارم, عين نقوبة, قالونيا, قمبرة, لفتا, المالحة, المخماس, النبي صموئيل, الولجة الشرفات, عرب الرشايدة, عش الغراب ..و ..
***
هذه كلها أسماء لتجمعات فلسطينية ... من قضاء صفد وحيفا وبيسان وطولكرم وعكا وجنين والرملة والقدس تتوحد في التاريخ على حلم العودة...
هذه البلدان كلها استيقظت في مثل هذه الايام على هول الصدمة... فمن أهلها من قتل وهو نائم, ومنهم من قتل في حالة أسر, ومنهم من أحرق بالبنزين... ومنهم من حمل أهله على عاتقه وغادر ناسيا وراءه بعض أطفاله, ومنهم من مات تحت أنقاض منزله... وبقايا القصص المروعة معروفة للبعض..
ظنوا في البداية أن رحلتهم لن تطول... ثم أكتشفوا شيئا فشيئا أن شتاتهم سيطول, وأن مفاتيح بيوتهم التي حملوها معهم الى مخيمات اللجوء لن يتاح لهم استخدامها مرة أخرى الا "كأيقونات تعلق على جدران بيوت الصفيح", ويتوارثها الآباء والأجداد والامهات والجدات كرمز على استمرار تمسكهم بحقوقهم الوطنية ...
ولا تزال اسرائيل التي ترفض الاعتراف بالنكبة وترفض الاعتراف بحجمها تزعم ان الفلسطينيين رحلوا بملء ارادتهم, وان حل مشاكلهم يكمن في قبول الدول العربية بتوطينهم على أرضها حيث يقيمون أو حيث تقبع مخيماتهم ... سبعة ملايين نسمة واكثر ما يزالون في الشتات... وملايين أخرى في الداخل الفلسطيني, والضفة والقطاع لا زال حلمهم بعودة أراضيهم اليهم في خبر كان .. لا يزال الاهل في ام الفحم يحلمون بالعودة الى أرض اللجون التي على مرأى بصرهم ولا من مجيب. وأهالي ام الزينات وخبيزة وصابرين وعين حوض والطنطورة وأهالي اقرث وبرعم مع أنهم كذلك قسم منهم يقطنون على مرمى بصر في الفريديس وكفر قرع وغيرها ، فما زال حلمهم بالعودة لا يغادرهم باليقظة والمنام.
الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة لا تفعل غير تذكيرهم بأن يبعدوا هذا الحلم عن أذهانهم...
وسيظل أملنا بالعودة الى بيوتنا قائما ما دام فينا نفس ينبض, وروح تعصف... بل سنظل نحلم أن نعود ومعنا عظام موتانا وأشلاؤهم لندفنها ونواري التراب عليها - كما كتبوا في وصاياهم - في يافا وحيفا والقدس وعكا واللد والرملة...
ولو استقمنا على الطريقة فسيتحقق الحلم .. انكم ترونه بعيدا ونحن نراه على مرمى البصر... فحركة على حركة عمارة... وكلمة على كلمة منارة وجهد على جهد عمارة ... وحجر على حجر عمارة ... وحلم على حلم بشارة...
ومن حلمي ومن حلمك تعلو المنارة, وقدرنا ان نعيش الحلم لأنه بالنسبة لنا كما الجناح للطائر, والزهرة للفراشة, والزيت للقنديل, والمطر للأرض.. ولتعذرني باقي المدن والتجمعات ان لم أذكرها فلي معها موعد آخر نصيح واياها سويا بصوتنا الموحد في وجه البحر الهادر, والاسكندر وهنيبعل ونابليون والنسور المحلقة.
نكبات لا نكبة
منذ 60 عاما والقضية الفلسطينية وقضايا الوحدة العربية والوحدة الافريقية, والوحدة الاسلامية وقضايا التمييز العنصري تأخذ حيزا كبيرا من خطاب المكوكيين العرب.
رؤساء دول انقرضوا وحكومات انقرضت ووزارات ولت, وقضايانا الكبيرة لا تزال واقفة على الرصيف.
وما زال بعض المتفائلين ينشدون :
نحن أعز بني الدنيا وأعلى ذوي العلا وأكرم من في الارض ولا فخر
فاذا ما قلنا لهم واين الأقلية العربية المغلوبة على أرضها من هذا الكرم ومن تفكيركم ونحن الذين عنانا الشاعر حين قال
رق الحديد .. وما رقوا لبلوانا !!!
وهل ما اذا المواطنين العرب في اسرائيل وهم ذؤابة المرابطين مشمولين في قائمة تعداد السكان العرب أم انهم مجرد طيف؟!!!
فاذا ما سألناهم كان الجواب حاسما اصبروا غدا سيأتيكم الجواب القاطع غدا سنزودكم كما قصورنا بالخراف المحشية وشيخ المحاشي, والكباب الهندي والشيش كباب والشيش طاووق والكبة النية والكبة بالصينية والبابا غنوج والهبرة المشوية والكروش المحشية باللوز... والنخاعات وبيض الغنم والفتوش والمتبل والمدلوقة والمعجوقة والمهلبية والتحلاية والكنافة العثملية وقرون الغزال .. وهكذا جواب لا يقال الا لمن ظن بسائله انه مجرد قطيع من الغنم.
وهو جواب لو سمعه محمد علي كلاي لفاز على غريمه من اول جولة...
فيا عيب الشوم !!!
نحن لا نريد من الأمة طعاما ولا شرابا .. ولا فتاتا من بقايا طعامهم
نريد دورا مسؤولا فاعلا فيما يتعلق بقرانا المهجرة وبأوقافنا ومقدساتنا المصادرة...
نريد دورا انسانيا عربيا فاعلا فيما يتعلق بقرانا وتجمعاتنا المهجرة بقرانا غير المعترف بها....
نريد دورا حاسما ومسؤولا فيما يتعلق بمصادرة اراضينا..
نريد ان تلعب الدبلوماسية دورا أساسا فيما يتعلق بمحاكمنا الشرعية التي صودرت منها اختصاصتها.
نريدكم أن تكونوا عونا عمليا يعيننا في عودة أوقافنا المصادرة الى أحضاننا.
نريد حركة فاعلة فيما يتعلق بأئمة المساجد وبيوتنا المهددة بالانقراض وهوائنا الملوث...
ولقد قلنا لهم الف الف مرة , نموت جوعا ونأبى صدقاتكم وفضول مالكم وقوتكم...
ولكن كل ما نرجوه ان تعرف شعوبكم ان هناك اخوة لهم يهيأ للساسة انهم يتمتعون بفسحة من الحرية والديموقراطية, ولكن الحقائق ستدمغكم حين نصارحكم اننا غدونا مثل "طنجرة تيفال" لا يلتصق بنا شيء ابدا من الفرح او الأمن أو الراحة او الطمأنينة"... وكل ما نريده منكم اسبوعا واحدا كل عامين تتضامنون فيه مع قضايانا الكبيرة كأسبوع النظافة, او يوم واحد تتحدثون فيه عن العنصرية التي نعاني منها كيوم المرأة العالمي .. كيوم التضامن مع الحيوانات المهددة بالانقراض .. كيوم الفلانتاين .
60 عاما مرت ناضلنا فيها لوحدنا فقدت فيها الاقلية العربية داخل الخط الاخضر أنوفها فلم تعرف من تراجع؟
وفي الايام الاخيرة بالذات – سأقول لكم فيما بعد – استيقظنا على حركات تنقلات واسعة في وجوهنا...
افواهنا مزمومة الى اسفل...
أنوفنا منكمشة الى اعلى...
السنتنا ملتصقة بسقف الحلوق...
العيون اليمنى تبتعد عن اليسرى...
والاذان تتحرك في جميع الاتجاهات تبحث عن ملجأ...
وقد يسأل سائل متى حدث ذلك بالضبط؟
بصراحة نحن منذ زمن بعيد فقدنا سندنا في غالبيّة ملماتنا, ولم نتذمّر كثيرا ولم نشك, وأغلقنا دوننا الابواب وقلنا ليتخلوا عنا .. تكفينا ملامحنا العربية ... يكفينا رباطنا ... ومع ذلك تلمسنا بشوق وحنان كما يتملس الضرير جدران حارته وبيته ان يوقظهم الزمان...
لكننا منذ مؤتمر القمة الاخير الذي عقد وما انعقد وأشياء كبيرة وضخمة في داخلنا تتألم... تشكو..تئن...
اضراسنا تؤلمنا
عيوننا تحرقنا...
صدورنا تزفر واضلاعنا متشنجة...
حرب استنزاف واضحة... حركة عصيان واضحة .. وما ان اعلنت القمة انتهاء اعمالها ولم يطل الامر بنا طويلا, ولم نلحق أن نغفو حتى سمعنا همسات ووشوشات ومداولات مطولة بين الاذان والافواه, بين العيون والحواجب... بين المعدة والفم ... راحت على اثرها تتسلل من اماكنها الواحدة تلو الاخرى حسب خطة "مبيتة" فيما بينها حتى لا نكتشف امرها...
نهضنا بعد غفوتنا القصيرة كالملسوعين من أسرتنا وفرشنا ... وصرخنا كأرخميدس ... انها مؤامرة وعلينا قهرها من المهد ...
حاولنا الصراخ فلم نجد حناجرنا !!
حاونا ان نطلق الرصاص على المؤامرة فلم نجد اصابعنا !!
ماذا نفعل؟
صرخنا بهمس يا امة العرب اين انت مما يجري لنا يوميا .. مما يحدث للقدس ساعاتيًا .. مما يتم من مظاهر عنصرية ضدنا..
فجاءني صوت الامة باكيا .. حزينا .. دامعا .. ماذا بامكاننا أن نفعل ونحن منذ سنوات فقدنا اذاننا, وانوفنا, واكتافنا وجباهنا ونقرات اصابعنا؟
كيف تطالبنا بالوقوف الى جانب قضاياك ونحن لا نستطيع ان ندفع عنا البرغش والبعوض والهاموش في حاراتنا فكيف ندفع عنكم الاذى وحاراتنا تنطفئ عشرين مرة في اليوم !
ماذا بامكاننا ان نفعل ... ونستغفر الله لأن كل انسان من التراب والى التراب يعود .. الا الانسان العربي فمن المخابرات الى المخابرات يعود...