في مدينة العويره المغربية _ في الجنوب _ هي موطنهم حاليا في المغرب ، بعد أن تم استقومصانع إنتاج السكر ... إنهم ' كناوة ' ليسوا مجرد مجموعات غنائية شعبية ظلت وفية لتراثها ، وليسوا أشخاصا عاديين يمكن ادراجهم في قافلة الفن والفنانين ، فهم بالأساس تاريخ عريق ، وفكر إنساني ، وعادات لم يمحها الزمن .
بين الواقع والخيال ، والحقيقة والغرابة ، وتحت سلطة المعتقدات يمكن أن نعيش في عالم ' كناوة ' السحري ، إذ يعرفهم العالم ، كأفراد يعزفون على آلات وتربة قديمة وسط طقوس وجدانية تهز الأجساد ..إنهم يصرون على الارتباط بذاكرتهم الشعبية كنوع من الإحجام على المعاناة التي عاشوها بألم وصبر ..
نعم فقبل الانتفاضة الأولى 1987م كان الاحتلال الإسرائيلي يعتقد أن الشعب الفلسطيني تحول من شعب يناضل لأجل التحرر إلى شعب لا يهمه سوى العمل في كافة مجالات العمل داخل فلسطين المحتلة 48 .. وفي الحقيقة لقد كانت هناك نسبة كبيرة من الشباب تعمل داخل الخط الأخضر .. وكادت العشرين عاما الفاصلة بين حرب النكسة وبين إعلان الانتفاضة أن تنتهي بانتهاء كل مظاهر المقاومة والنضال الفلسطيني .. إلى أن جاءت انتفاضة فلسطين الأولى بعد عشرين عاما من المعاناة من القهر والمعاناة، حيث انفجر الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة أواخر عام ١٩٨٧ في انتفاضة عارمة في وجه الاحتلال. وأصبح العامل الفلسطيني جزءا لا يتجزءا من برنامج الانتفاضة الأسبوعي .. واليوم في ذكرى إعلان الاستقلال الواحد والعشرون لهذا العام يأتي في ظل الانقسام وتشرذم الحل وفي ظل الذكرى السنوية الخامسة لرحيل القائد الشهيد ياسر عرفات وفي ظل كلمة الرئيس محمود عباس التي تحدث فيها بصراحة عن العراقيل التي تضعها الحكومة الإسرائيلية الحالية والعجز الأمريكي أمام إسرائيل وفي ظل مرور عام على رحيل كاتب الوثيقة الشاعر محمود درويش.
إن إعلان الاستقلال قد ولد في الجزائر في 15 تشرين الثاني عام 1988 في دورة المجلس الوطني الفلسطيني استقلال فلسطين و قد استند الى حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني واستند كذلك الى الشرعية الدولية وقراراتها ومواثيقها .. وهذه هي النقاط التسعة التي تحدث عنها الرئيس محمود عباس في كلمته الأخيرة والتي ظهر فيها غاضبا من المواقف الدولية والإسرائيلية .. إعلان الاستقلال كان عبارة عن شرعية فلسطين بين دول العالم .. شرعية منظمة التحرير الفلسطينية ... ولقد كانطابهم في القرون الماضية من أدغال أفريقيا للعمل عبيدا أو جنوداً أو عمالاً في المزارع ترجمة حقيقية لمفهوم النضال الفلسطيني .. فالفلسطيني لا يقتل لأنه يهوي القتل .. ولكنه يقاوم لأن أرضه مسلوبة ومصيره مجهول وأكثر من نصفه في الشتات ما بين المخيمات والمنفى .. إعلان الاستقلال أعلن قبوله بالسلام مقابل دولة فلسطينية مستقلة .. والقدس العاصمة وحق الشعب الفلسطيني في حق تقرير المصير .. لم يكن الإعلان هو أقصى ما يمكن أن يذهب إليه المشروع الفلسطيني .. بل كان البداية لشعب كان يرزح تحت الاحتلال بلا سلطة وبلا مرجعية وبلا مؤسسات .. واليوم الوضع مختلف .. لدينا سلطة فلسطينية وإن كانت تعاني من الانقسام بين الضفة وغزة .. ويوجد لدينا غالبية مفردات الدولة الفلسطينية ... مؤسسات .. وزارات .. تمثيل في العالم .. برلمان .. علم ..
ما نحتاجه اليوم ليس الاختلاف حول إعلان الاستقلال أو نعتبره يوما وطنيا أو غير وطني .. ما نحتاجه اليوم هو إعلان نهاية الانقسام .. لأن إنهاء الانقسام هو جزء لا يتجزأ من مفردات الدولة الفلسطينية المنشودة .. نحن شعب يجب أن يتمسك بكل إنجاز قد حققه حتى لو كان انجاز معنوي .. لأننا لازلنا وبكل الشرائح نؤمن بأن الوحدة الوطنية ممكنة وغير بعيدة .. وأن الخلاص من الاحتلال هو هدف مشروع وكل وسائله مشروعة بلا أي نقاش ..
وإعلان الاستقلال أيد كل هذا .. فمن وثيقة إعلان الاستقلال (الفلسطيني) 15.11.1988 نقرأ : (استناداً إلى الحق الطبيعي والتاريخي والقانوني للشعب العربي الفلسطيني في وطنه فلسطين وتضحيات أجياله المتعاقبة دفاعا عن حرية وطنهم واستقلاله وانطلاقا من قرارات القمم العربية، ومن قوة الشرعية الدولية التي تجسدها قرارات الأمم المتحدة منذ عام 1947، ممارسة من الشعب العربي الفلسطيني لحقه في تقرير المصير والاستقلال السياسي والسيادة فوق أرضه. فإن المجلس الوطني يعلن، باسم الله وباسم الشعب العربي الفلسطيني قيام دولة فلسطين فوق أرضنا الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.)
إذن إعلان الاستقلال لم يكن لحزب بعينه أو مؤسسة باسمها .. بل كان باسم الشعب كل الشعب العربي الفلسطيني .. نؤمن بأنه مهما اشتدت ليال الانقسام وطالت ومهما اشتد ظلم العالم لنا .. ومهما طال أمد الوصول الى دولتنا على تراب وطننا الغالي فلسطين .. فإننا نؤمن أن فجر فلسطين يقترب .. ولقد ختمت الوثيقة بكلمات جميلة جدا : (ندعو شعبنا العظيم إلى الالتفاف حول علمه الفلسطيني والاعتزاز به والدفاع عنه ليظل أبدا رمزاً لحريتنا وكرامتنا في وطن سيبقي دائما وطننا حراً لشعب من الأحرار. ) ..
' كناوة ' أصروا على الاحتفاظ بتراثهم وحلمهم مئات السنوات وأصبح موجودا في واقع الحياة المغربية .. تراث ربما يختلف على أهمية الكثير .. ' وثيقة إعلان الاستقلال ' ، و ' يوم الاستقلال ' كان منذ واحد وعشون عاما .. حلما وواقعا وتمثيلا ورحلة الى القدس وانهاء نكبة التشريد الفلسطيني .. وبين كناوة ويوم الاستقلال سنحمل الحلم في القلوب والعقول وللأجيال .. رسالة لن يمحيها الزمن ولن يؤثر فيها طقس الانقسام .