ببدل الغطس والأقنعة قام 11 وزيرا، يتقدمهم الرئيس المالديفي، محمد نشيد، ونائبه، بالغوص 12 قدما تحت سطح الماء ليصلوا إلى القاع حيث أعدت لهم طاولة اجتماعات على خلفية من الشعب المرجانية والطحالب، هناك جلس الوزراء وعقدوا اجتماعهم الاستثنائي الذي أرادوا من خلاله إرسال رسالة من تحت الماء للعالم تحذر من خطر الاحتباس الحراري الذي يهدد الجزر بالاختفاء التام.
واستعد نشيد والوزراء للاجتماع الفريد بتدريبات غطس مكثفة لمدة شهرين على عمق ستة أمتار بالقرب من جزيرة غيريفوشي على بعد 25 دقيقة بالقارب عن العاصمة مالي، بحسب ما قالت منسقة الحدث أمينات شونا لوكالة الصحافة الفرنسية.
وقام الوزراء بالتوقيع على وثيقة تعد نداء استغاثة للعالم تطالب بخفض انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون، وحذر نشيد من فشل مؤتمر الأمم المتحدة للتغيرات المناخية المقرر إجراؤه في كوبنهاغن شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل. وقال ردا على سؤال عما سيحدث إذا ما أخفق المؤتمر: «مصيرنا الموت» وأضاف موضحا: «إذا لم نستطع إنقاذ المالديف اليوم، فلا أظن أن حظوظ باقي دول العالم ستكون أفضل.
وتم عقد الاجتماع الذي استغرق 30 دقيقة على عمق 12 قدما في بحيرة تستخدم لإجراء تدريبات عسكرية وسط جزيرة تبعد بنحو 20 دقيقة عن العاصمة مالي. وقام الوزراء الذين حضروا الاجتماع، وعددهم 11 بالتوقيع على بدلات الغطس، وذلك استعدادا لطرحها في المزاد العني على موقع «protectmaldives.com»، وتعود أرباحه لصالح الحفاظ على الشعب المرجانية حول الجزيرة. ووضعت طاولة اجتماعات في قاع المحيط للوزراء، كما تم تزويدهم بسبورة بيضاء مقاومة للبلل لتسهيل التواصل بينهم.
وكان أحد الوزراء قد علق على المكان الاستثنائي لعقد الاجتماع بقوله إن أعضاء الحكومة في أمان خلال هذا الاجتماع، فمع كل منهم غواص وحارس، كما أن أسماك القرش المحلية ودودة.
ولم يحضر اثنان من الوزراء الغائبين لأنه لم تمنح لهما الشهادات الطبية الضرورية للغطس. وكان برفقة باقي الوزراء مدرب غطس ومشرف عسكري.
وقال الوزراء إن فكرة الجلسة تحت الماء أتت من رئيس البلاد، محمد نشيد، بعد أن طلبت إحدى الجمعيات منه دعم تحركها من أجل البيئة في 24 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وطلبت السماح لها بوضع لافتة في البحر لدعم نشاطها. ولكن الطلب أوحى إلى الرئيس المالديفي بفكرة عقد جلسة وزارية في قاع البحر.
وتخشى المالديف من ارتفاع منسوب المحيط الذي قد يعني غرق الجزر بالكامل، ويذكر أن ارتفاع المياه مترا واحدا فقط يكفي لغمر الجزر المرجانية المؤلفة من 1192 جزيرة، مما يجعل من هذه الوجهة السياحية المميزة سببا إضافيا يحث على محاربة الاحترار، وهي مشكلة مصيرية للمالديف بشكل خاص، فليس على الأرض يابسة منبسطة كيابستها، والبحر هناك يتسلل إليها بشكل واضح في صور الأقمار الاصطناعية، إلى درجة أن 200 جزيرة فيها لم تعد صالحة للسكن، وغادرها سكانها إلى جزر الجوار.
والمالديف هي الوحيدة في العالم المؤكد زوالها في القرن المقبل، بحسب ما تؤكده جميع الدراسات البيئية، وهو ما دفع برئيس البلاد إلى إنشاء صندوق لجمع المال بهدف شراء أرض في المستقبل، في الهند أو سريلانكا أو أستراليا، ليعيش فيها شعبه البالغ 395 ألف نسمة، كوطن بديل، قبل أن يغمره المحيط الهادي بأحضانه المائية.
والرئيس المالديفي هو صحافي سابق وناشط في حقوق الإنسان، كما أنه غطاس محترف، تعلم العوم والغطس صغيرا.
وكان نشيد حذر في كلمة له قبل 5 أشهر من أنه إذا لم يتم إيجاد حل لمشكلة الاحترار الجوي «فنخسر المالديف، ومن بعدها بريطانيا، ولربما نيويورك».
وقال إن بلاده لم تسبب أذى لأحد، ولا كانت من المسببين للاحتباس، وإنها فقيرة لا تقوى حتى على حضور مؤتمرات عن البيئة وحمايتها.