تضامنت مع صديقتها التي تمارس أسرتها جميع أنواع الضغط النفسي لتقبل بأي عريس لأنها في الثالثة والثالثين من عمرها، وقتها شعرت يمنى مختار ( 27 عاماً، صحفية بجريدة اليوم السابع) بمدى الظلم الاجتماعي الواقع على الفتاة في المجتمعات الذكورية، فقررت إنشاء حركة اجتماعية أطلقت عليها "عوانس من أجل التغيير" لتناهض الأفكار السلبية الملتصقة بالعانس.
|
إننا كفتيات لا نريد أن نتزوج من أجل نيل لقب متزوجة فقط.. |
في البداية.. ماذا تمثل لكِ كلمة عانس؟
أراها بدون معنى، فهي في اللغة الفتاة التي تأخر زواجها، ولم يُحدد الميعاد بعد، والسؤال الآن.. لما لا يخبرنا أحد بالميعاد الذي تتأخر فيه الفتاة عن الزواج، نأخذ احتياطياتنا بدلا من أن تقذف البنت بهذه الكلمة !أؤمن بأن الميعاد الذي تتزوج فيه الفتاة مكتوب لدى الله وليس بأيدي أي بشر التنبؤ به.
أخبريني .. ما التغيير الذي تريدين إحداثه في المجتمع؟
إننا كفتيات لا نريد أن نتزوج من أجل نيل لقب متزوجة فقط، وإنما نريدها أن التوازن النفسي ولا تكون العنوسة شبحاً يطارد الفتيات في أحلامهن ويقظتهن، فيلقين بأنفسهن في تهلكة زيجة غير متوافقة ليستبدلن لقب عانس بمطلقة .وما هي الفئات التي تستهدفينها من حركة "عوانس ضد التغيير؟
يعتقد البعض أني أناشد العوانس فقط، ولكني أسست حركة اجتماعية لا تجمع العوانس فحسب بل تضم كل المؤمنين بضرورة رفع الظلم الواقع على الفتاة التى تأخر زواجها لنحول معاً صورة العانس من تلك الصورة الخاطئة التى تحصرها فى تلك الفتاة القبيحة الحاقدة إلى فتاة ناجحة، قادرة على إعمار الأرض ليس من خلال الزواج فحسب، ولكن بالإمكانيات التى منحها الله إياها.
هل تتمردين على المجتمع ومفاهيمه بحركتك ضد العنوسة؟
ليس تمرد كامل وإنما نستطيع القول بأنه تمرد إيجابي للأفضل، عانس كانت تقال قديماً على الفتاة التي تمكث في المنزل منتظرة العريس، ولكن الحال تغير الآن فهي أصبحت تنزل إلى العمل وأصبحت ذات شخصية ثقافية واقتصادية مستقلة
.لماذا اختارتِ "الفيس بوك" تحديداً لانتشار حركتك؟
لكي أنتشر وسط الشباب كان يجب أن أذهب إلى أكبر تجمع لهم على النت، ولا يوجد أفضل من "لفيس بوك"حالياً .
من خلال تواجد الحركة على "الفيس بوك"، هل لاحظت تغير ولو طفيف في مفاهيم الناس للعنوسة؟
من خلال الموضوعات التي يطرحها الشباب للمناقشة داخل "الجروب" على "الفيس بوك"، لاحظت أنهم مؤمنون حقاً بالقضية قبل انضمامهم للحركة، وجاءت الحركة لتؤكد على مفاهيمهم، ولكني أعتقد أن فكرة التغيير لدى الأهل هي التي ستأخذ وقتاً طويلاً، فالجميع يعلم أنه من الصعب تغيير المعتقدات الاجتماعية.
قيل إن "عوانس من أجل التغيير" يبحثن عن عريس خلال هذه الحركة، ألم تسمعي انتقادات من هذا القبيل؟
بالطبع، سأخبركِ كيف اكتشفت الأمر، كانت فتاة تحكي لصديقتها عن الحركة وبمجرد ما ذكرت أن اسمها "عوانس من أجل التغيير" استنكرت لقب عانس وقالت لها "ما هلة الأدب هذه؟!!"، حينها اكتشفت أن الناس يرون أنه من العيب أن نناقش قضية العنوسة من مختلف الأبعاد، لذا يقال عنا أننا نبحث عن عريس.
|
كثيرات يخشين الانضمام إلينا |
هذا أولى بأن يضعف شعبية حركتك، فالفتاة مهما تقدم بها العمر تخاف على وضعها الاجتماعي من القيل والقال.
[/size]
لم تضعف الشعبية، ولكن كثيرات يخشين الانضمام إلينا، وقد طلبت مني الكثيرات تغيير اسم الحركة لينضممن إليها، وذلك تحفظاً على كلمة "عوانس" ولكني لا أجد اسماً بديلاً ليوصل الرسالة، فكرت في أن نستبدل عوانس بفتيات ولكنها ذات مدلول عام لا يحمل أي معنى فماذا يُفهم من "فتيات من أجل التغيير"، لن أغير اسم الحركة إلا إذا وجدت اسماً بديلاً ذو مدلول قوي يعبر عن المشكلة.عانس في اللغة تطلق على الرجل والمرأة، ولكنها قاصرة اجتماعياً على المرأة فقط، فما السبب من وجهة نظرك؟
السبب أننا نحيا في مجتمع ذكوري يرسخ الثقافة الذكورية، والرجل فيه لا يشيبه ولا يعيبه أي شيء مهما كان، يرتكب الخطأ ويلقى إعجاب الجميع، فعندما يتعرف على فتيات كثيرات يقال عليه "جان"، وعندما يرتكب الإثم يقال إنه أخطأ، أما الفتاة التي تعرف شاباً حتى ولو كانت صداقة برئية فهي مجرمة في حكم المجتمع، هذا بجانب ثقافة جرائم الشرف المنتشرة في الأماكن المتطرفة وأقصى الصعيد، والسؤال الذي يطرح نفسه الآن لماذا لا يدين المجتمع (والقانون) الرجل عندما يزني ويقتل المرأة مع أن الإسلام ساوى في العقوبة بين الطرفين؟! إنها ثقافة تربية وتنشئة من الأساس فالأم تربي ابنها على أنه رجل المنزل المعصوم من الخطأ ودائماً ما تردد على آذانه (لا شيء يعيب الرجل)، وتتعامل مع البنت على أنها عار يجب أن تختبئ حتى يأتي من يأخذها .
هل تعتقدي أن تخلي الأهل عن المغالاة في المهور وقبولهم بشبكة فضة، كما هو حادث لدى البعض حالياً، يساعد ذلك في تقليل مشكلة العنوسة؟
نرى يومياً الكثير من هذه الحالات ويكون هدف الأهل سترة البنت، إلا أن الرجل يأخذها أحياناً على أنها نوع من التساهل وبيع بضاعة غير رائجة في السوق، وبالطبع ما آتى سهلاً يذهب أسهل، وهذا يكشف عن تناقض فكري في المجتمع، كما أن هناك بعض الأهالي الذين يرون أن المغالاة في المهور والطلبات هي التي تحفظ مكانة المراة لدى زوجيها، وتجعله يفكر مليون مرة قبل الغدر بها. لذا أرى أننا في حاجة لاستبدال كل تلك المفاهيم بأخرى أكثر وسشطية وعدالة .
ولكن هناك ظاهرة تدعو إلى التأمل، ألا وهي أن رجال قادرون مادياً ولا يقبلون على الزواج، وفتيات يرفضن فكرة الزواج نفسها، في رأيك ما السبب؟
لقد زادت نسبة الطلاق المبكر في المجتمع، والجميع يخشى من الفشل، كما أن الاستقلال المادي للفتاة الناتج عن عملها جلعها تتطلع إلى رجل حقيقي يفهم معاني الرجولة، فهي لم تعد في حاجة إلى ظل رجل يعيلها ويحميها من التشرد، بل أصبحت قوة اقتصادية مستقلة تتحمل أعباء نفسها، وأحياناً تعيل أهلها، لذا لا تجد للرجل أهمية في حياتها إلا إذا كان سيشاركها حياتها لا يكبلها بالأعباء التي تحط من شأنها العملي والصحي، فالرجل أحياناً يكون عبء على المرأة، فهي تعمل صباحاً مثلة، وبعد الظهر تسند إليها أعمال
|
لكل فتاة فكرها ومعتقداتهتا الخاصة.. |
الطباخ وعاملة المنزل، وفي المساء تأخذ مكان المدرس الخصوصي لتذاكر لأولادها، أما الرجل فيكتفي بالاستمتاع بوقته بعد العودة من العمل إما بمشاهدة التلفاز أو التجمع مع أصحابه على المقهى.
كذلك لقب عانس جزء من ثقافتنا وهي مرتبطة بأنها يجب أن تتزوج المرأة، من الأشياء التي سعدتني جداً أن بنات اتصلن بي من ماليزيا وقالوا لي أنهم يعانون نفس المشكلة، ومن أسبانيا طلب مني فتاة نفس الفكرة لتنشئها بالأسبانية، كل ذلك يؤكد أن العنوسة مشكلة ثقافية في العالم أجمع وليست مشكلة ثقافية في المجتمع العربي فقط .
[size=29]وفي رأيك متى تقدم الفتاة تنازلات وتقبل بأي عريس؟
[/size]لاأستطيع التعميم، فلكل فتاة فكرها ومعتقداتهتا الخاصة، ولكن عما تتنازل الفتاة؟ عن الدين والأخلاق؟ عن رجل حقيقي يتحمل المسئولية وتقبل بأنصاف الرجال؟ أما المستوى ضعف المادي فأنا لا أراه تنازلاً إذا كان الشاب طموح ومستقبيله مُبشّر، كما انني أعتقد أن البنت التي يتقدم إليها ناس وترفض تكون بحث عن شيء معين لم تجده بعد، وإن لم تجدها لن تتزوج وإلا كانت تزوجت من البداية، إلا أنه في كثير من الحالات تتزوج الفتاة لتتخلص من ضغوط الأهل .من خلال اختلاطك بالفتيات في الحركة، ما هي أكثر الضغوط التي يمارسها الأهل على الفتاة للقبول بعريس ما؟
تتدرج الضغوطات ما بين الإهانة الفظية والمادية التي تصل إلى حد الضرب أحياناً، ولكني أرى أن أقسى إهانة وأكبر مصدر لتوتر الفتاة هو أن تكون أمها هي مصدر الضغط بدلاً من أن الحضن الدافيء الذي يحتويها في مثل هذا الوقت الصعب، وتتعدد إهانات الأمهات، فهناك أمهات ترفض الخروج مع ابنتها المتأخرة في الزواج كي لا يسألها أحد لما تأخرت ابنتك في الزواج ؟ وهناك أمهات يمارسن الضغط النفسي على البنات بمقارنتهن بنظيراتهن المتزوجات ثم يوصمهن بالفشل في الحياة
.هل تعتقدين أن تعدد الزوجات يحل أزمة العنوسة؟
إذا اتفقنا على أن أزمة العنوسة أسبابها اقتصادية في المقال الأول، سنجد أن نسبة كبيرة من الرجال غير قادرين مادياً وبالتالي لا يقبلون على التعدد، وفي بعض الحالات سنجد أن الزواج الثاني يأتي على حساب الأول وترفض الزوجة الأولى الاستمرار وبالتالي ترتفع نسبة الطلاق التي هي مرتفعة بالفعل.