ألا يكفي ما أصاب شعبنا الفلسطيني من موت وبسم الله الرحمن ما لحق من دمار نتيجة النظرة الضيقة الفئوية الحزبية للأمور، والى أي مدى سيستمر استغلال حقوقه الانسانية المشروعة واستثمارها لرفع رصيد القوى الإقليمية من الهيمنة والسيطرة على المنطقة، فهذه القوى تهدف لإثبات نظرياتها السياسية، ومفاهيمها للصراع بالدم الفلسطيني المسفوك يوميا، وتسعى لتوسيع دائرة الموت والدمار بالمنطقة ومركزها فلسطين تحقيقا لأهداف لا صلة للشعب الفلسطيني بها ولا فائدة يرجوها، وكانه مكتوب على هذه الأرض ان تكون حلبة الصراع الدموي بين القوى المتحاربة في العالم، وان يكون الشعب الفلسطيني هو الضحية فيما يكتفي الآخرون الذين يدفعون به الى أتون الحروب والمعارك بإصدار البيانات وفي أحسن الأحوال خطابات أمام حشود ومظاهرات ترفع نسبة تلوث هواء منطقة الوعي عند جماهير المنطقة العربية، تنفيس مقصود من فوق ومن تحت !!، فيما آلة الدمار والموت الاسرائيلية تمضي في تحقيق أهدافها غير عابئة <بالوعوعة < ولا بالخطابات المتلفزة للقاعدين أو الانفعالية أمام عدسات إخباريات وفضائيات ذات شارات ذهبية !!
ما يحصل الآن يكشف بوضوح لا لبس فيه، بشاعة الاستغلال السياسي لجراحنا ودمائنا، استغلال وتوظيف فئوي حزبي، إقليمي طائفي لشهداء فلسطين، وللدمار والموت النازل علينا والطالع الينا من كل حدب وصوب، فهذا تابع لجماعة سياسية يرفع يافطة كتب عليها :< ابادة النظام العربي الحاكم هو الحل < وزعيم يخطب بجمهور حزبه و يبثه ثقافة الانقسام والخصام والتفرقة بدل الكلمة الطيبة والحسنى الداعية للتوحد ودراسة الحلول الواقعية لانقاذ الشعب الفلسطيني من دمار مخطط له منذ زمن، فزعيم حزب الله الذي عبر عن ندمه علانية اثر الأيام الأولى لحرب تموز صيف عام 2006 عليه ان ينصح لا ان يشحن ويحرض على توسيع دائرة الحرب، وإثارة مشاكل في بلدان عربية مجاورة، فلا يجوز منه تحميل مصر العربية والمملكة العربية السعودية وغيرهما من أقطار العرب مسؤولية ما يحدث في غزة ولا يجوز له دون برهان وإثباتات تؤكد اتهام النظام الرسمي العربي بالموافقة على هذه الحرب ومن قبلها حرب تموز بلبنان، فقد بلغ نصرالله الى حد الاستشهاد بأقوال وتصريحات من ساسة وقادة إسرائيليين ليؤكد وجهة نظره بان حكومات عربية تدعم الهجوم على غزة !!.
نستنتج من كلام < نصر الله <الذي قال انه لا يدعو الى فتح الجبهات العسكرية العربية - ربما لانه يدرك ضمنا انه غير معني الآن بفتح جبهة مواجهة في جنوب لبنان - نستنتج من نصوص كلماته في الخطاب انه يصدق الساسة الإسرائيليين ويثق بتصريحاتهم وخطابهم ورواياتهم الدعائية !!، فهل يجوز لمن يؤكد في الليل والنهار انه من أركان جبهة الممانعة والمقاومة للمخطط الإسرائيلي الاميركي بالمنطقة ان يستند على تصريحات صادرة من جبهة المشروع المعادي ليبرر هجومه على حكومات ووسائل إعلام عربية وتحميلها مسؤولية تواطؤ مع حكومة إسرائيل في الهجوم على غزة ؟!!!
لأن إيران تقود الهجوم على العروبة والعرب بتنا نسمع هذه النغمة من جماعات وأحزاب تحتمي بيافطات ورايات مطرزة بمصطلحات دينية، فان كان لهم ان يقولوا ويفعلوا ما يشاءوا. . لكن ليس لهم الحق باستغلال قضيتنا الوطنية ودماء أبنائنا وضحايانا وآلامنا والدمار في بيوتنا لتمرير نزعاتهم السياسة وإشعال المنطقة بنزاعات طائفية ومذهبية وفكرية وثقافية، فالهجوم على العروبة والعرب ليس بريئا من المؤامرة، فالحرب على شعب فلسطين في غزة والضفة الفلسطينية تتطلب حكمة وعقلانية القادة والزعماء والرؤساء والملوك، تتطلب التعقل، ورفض الانجرار نحو توسيع بؤر التوتر والانفعال، فالأمة لاينقصها انكسارات وهزائم وخسائر بشرية تطير فيها قيمة الأرواح الانسانية كما يطير الدخان !!.
لقد استعادت مصر العربية باقي أرضها من سيناء بحكمة ودهاء المفاوضات وكذلك فعلت المملكة الأردنية الهاشمية وتسير سوريا على ذات الخطى لاسترجاع الجولان، فلماذا لايتفهمون انتهاج القيادة الفلسطينية لما تعتقد اغلبية الشعب الفلسطيني انه الأسلم والأضمن لمستقبله و تجذره بأرضه، وتحقيق هدف وطني. بقيام دولته المستقلة، وإسهامه في بناء السلام بالعالم.
يعرفون قبل غيرهم ان الحروب ما أتت إلا بالخراب على البشرية، وانها ليست مقدسة ولا هي مفروضة في شريعة السماء فللحروب تجارها وللموت صناعه لكن الأهم هو ان نعي ونعرف من ذا الذي يدفعنا إلى جحيم الحروب كلما قامت لنا قائمة، وكلما اقتربنا من إثبات هويتنا الوطنية العربية الفلسطينية، فان كانت البراكين على مصائبها مفيدة للناس في نهاية الأمر فان الحروب مثلها ويكمن انها عامل خلاق وعظيم ودافع قوي لتخليق وعي جديد عند الأمة او الشعب التي تنال الحروب من أبنائها ومقدراتها، فالجماعات والأحزاب والقوى المشتغلة بصناعة الموت تعرف ان السلام هو قدر العلاقة بين الشعوب والأمم وان هذا السلام نقيض مصالحها لذلك نراها تشعل الحروب مستغلة أقدس قضايا وحقوق الانسان.